و " تحيتهم " مبتدأ ، و " سلام " خبرها ، وهو كالذي قبله ، والمصدر هنا يحتمل أن يكون مضافا لفاعله أي : تحيتهم التي يحيون بها بعضهم سلام ، ويحتمل أن يكون مضافا لمفعوله أي : تحيتهم التي تحييهم بها الملائكة سلام ، ويدل له والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم . و " فيها " في الموضعين متعلق بالمصدر قبله ، و " قبل " يجوز أن يكون حالا مما بعده فيتعلق بمحذوف ، وليس بذاك . وقال بعضهم : " يجوز أن يكون " تحيتهم " مما أضيف فيه المصدر لفاعله ومفعوله معا ؛ لأن المعنى : يحيي [ ص: 156 ] بعضهم بعضا ، ويكون كقوله تعالى : وكنا لحكمهم شاهدين حيث أضافه لداود وسليمان وهما الحاكمان ، وإلى المحكوم عليه ، وهذا مبني على مسألة أخرى وهو أنه : هل يجوز الجمع بين الحقيقة والمجاز أم لا ؟ فإن قلنا : نعم ، جاز ذلك لأن إضافة المصدر لفاعله حقيقة ولمفعوله مجاز ، ومن منع ذلك أجاب بأن أقل الجمع اثنان فلذلك قال : " لحكمهم " .
قوله : وآخر دعواهم مبتدأ ، و " أن " هي المخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الأمر والشأن حذف ، والجملة الاسمية بعدها في محل الرفع خبرا لها كقول الشاعر :
2573 - في فتية كسيوف الهند قد علموا أن هالك كل من يحفى وينتعل
و "أن " واسمها وخبرها في محل رفع خبرا للمبتدأ الأول . وزعم أن " أن " هنا زائدة والتقدير : وآخر دعواهم الحمد لله ، وهي دعوى لا دليل عليها مخالفة لنص الجرجاني والنحويين . وزعم سيبويه أيضا أن " أن " المخففة يجوز إعمالها مخففة كهي مشددة ، وقد تقدم ذلك . المبرد
وتخفيف " أن " ورفع " الحمد " هو قراءة العامة . وقرأ عكرمة وأبو مجلز وأبو حيوة وقتادة ومجاهد وابن يعمر وبلال بن أبي بردة وابن محيصن [ ص: 157 ] بتشديدها ونصب دال " الحمد " على أنه اسمها . وهذه تؤيد أنها المخففة في قراءة العامة ، وترد على ويعقوب . الجرجاني