آ . (112) قوله تعالى : التائبون : فيه خمسة أوجه ، أحدها : أنهم مبتدأ ، وخبره " العابدون " ، وما بعده أوصاف أو أخبار متعددة عند من يرى ذلك . الثاني : أن الخبر قوله : " الآمرون " . الثالث : أن الخبر محذوف ، أي : التائبون الموصوفون بهذه الأوصاف من أهل الجنة ، ويؤيده قوله : " وبشر المؤمنين " ، وهذا عند من يرى أن هذه الآية منقطعة مما قبلها ، وليست شرطا في المجاهدة ، وأما من زعم أنها شرط في المجاهدة وغيره فيكون إعراب التائبين خبر مبتدأ محذوف ، أي : هم التائبون ، وهذا من باب قطع النعوت ، وذلك أن هذه الأوصاف عند هؤلاء القائلين من صفات المؤمنين في قوله تعالى : كالضحاك [ " اشترى] من المؤمنين " ويؤيد ذلك قراءة أبي وابن مسعود " التائبين " بالياء . ويجوز أن تكون هذه القراءة على القطع أيضا ، فيكون منصوبا بفعل مقدر . وقد صرح والأعمش الزمخشري بأن التائبين في هذه القراءة نعت . الخامس : أن " التائبون " بدل من الضمير المتصل في " يقاتلون " . وابن عطية
ولم يذكر لهذه الأوصاف متعلقا ، فلم يقل : التائبون من كذا ، ولا العابدون [ ص: 130 ] لله لفهم ذلك إلا صيغتي الأمر والنهي مبالغة في ذلك ، ولم يأت بعاطف بين هذه الأوصاف لمناسبتها لبعضها إلا في صيغتي الأمر والنهي لتباين ما بينهما ، فإن الأمر طلب فعل والنهي طلب ترك أو كف ، وكذا " الحافظون " عطفه وذكر متعلقه . وأتى بترتيب هذه الصفات في الذكر على أحسن نظم وهو ظاهر بالتأمل ، فإنه قدم التوبة أولا ثم ثنى بالعبادة إلى آخره . وقيل : إنما دخلت الواو لأنها واو الثمانية ، كقوله : وثامنهم كلبهم . وقوله : وفتحت أبوابها لما كان للجنة ثمانية أبواب أتى معها بالواو . وقال : " إنما دخلت الواو في الصفة الثامنة إيذانا بأن السبعة عندهم عدد تام ، ولذلك قالوا : " سبع في ثمانية " ، أي : سبع أذرع في ثمانية أشبار ، وإنما دلت الواو على ذلك لأن الواو تؤذن بأن ما بعدها غير ما قبلها ، ولذلك دخلت في باب عطف النسق " ، قلت : وهذا قول ضعيف جدا لا تحقيق له . أبو البقاء