" من أول " متعلق به ، وبه استدل الكوفيون على أن " من " تكون لابتداء الغاية في الزمان ، واستدلوا أيضا بقوله :
2543 - من الصبح حتى تطلع الشمس لا ترى من القوم إلا خارجيا مسوما
[ ص: 122 ] وقوله : 2544 - تخيرن من أزمان يوم حليمة إلى اليوم قد جربن كل التجارب
وتأوله البصريون على حذف مضاف أي : من تأسيس أول يوم ، ومن طلوع الصبح ، ومن مجيء أزمان يوم . وقال : " وهذا ضعيف ، لأن التأسيس المقدر ليس بمكان حتى تكون " من " لابتداء غايته . ويدل على جواز ذلك قوله : أبو البقاء لله الأمر من قبل ومن بعد ، وهو كثير في القرآن وغيره " ، قلت : البصريون إنما فروا من كونها لابتداء الغاية في الزمان ، وليس في هذه العبارة ما يقتضي أنها لا تكون إلا لابتداء الغاية في المكان حتى يرد عليهم بما ذكر ، والخلاف في هذه المسألة قوي ، ولأبي علي فيها كلام طويل . وقال : " ويحسن عندي أن يستغنى عن تقدير ، وأن تكون " من " تجر لفظة " أول " لأنها بمعنى البداءة كأنه قال : من مبتدأ الأيام ، وقد حكي لي هذا الذي اخترته عن بعض أئمة النحو " . ابن عطية
وقوله : أحق ليس للتفضيل بل بمعنى حقيق ، إذ لا مفاضلة بين المسجدين ، و " أن تقوم " أي : بأن تقوم ، والتاء لخطاب الرسول عليه السلام ، و " فيه " متعلق به .
قوله : فيه رجال يجوز أن يكون " فيه " صفة لمسجد ، و " رجال " فاعل ، وأن يكون حالا من الهاء في " فيه " ، و " رجال " فاعل به أيضا ، وهذان أولى من حيث إن الوصف بالمفرد أصل ، والجار قريب من المفرد . ويجوز أن يكون " [ ص: 123 ] " فيه " خبرا مقدما ، و " رجال " مبتدأ مؤخر . وفيه هذه الجملة أيضا ثلاثة أوجه ، أحدها : الوصف ، والثاني : الحال على ما تقدم ، والثالث : الاستئناف .
وقرأ عبد الله بن زيد " فيه " بكسر الهاء ، و " فيه " الثانية بضمها وهو الأصل ، جمع بذلك بين اللغتين ، وفيه أيضا رفع توهم التوكيد ، ورفع توهم أن " رجالا " مرفوع بـ " تقوم " .
وقوله : يحبون صفة لـ " رجال " وأن [يتطهروا] مفعول به . وقرأ طلحة بن مصرف " يطهروا " بالإدغام ، والأعمش " المتطهرين " بالإظهار ، عكس قراءات الجمهور في اللفظتين . وعلي بن أبي طالب