وقرأ محمد بن عبد الملك بن مروان وابنه " عدة " كذلك إلا أنه جعل مكان تاء التأنيث هاء ضمير غائب تعود على الخروج . واختلف في تخريجها فقيل : أصلها كقراءة الجمهور بتاء التأنيث ، ولكنهم يحذفونها للإضافة كالتنوين . وجعل معاوية من ذلك قوله تعالى : " وإقام الصلاة " ، ومنه قول الفراء زهير :
2488 - إن الخليط أجدوا البين فانجردوا وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا
يريد : عدة الأمر . وقال صاحب " اللوامح " : " لما أضاف جعل الكناية [ ص: 58 ] نائبة عن التاء فأسقطها ؛ وذلك لأن العد بغير تاء ولا تقديرها هو الشيء الذي يخرج في الوجه " . وقال : " هو جمع عدة كـ " بر " جمع برة ، ودر جمع درة ، والوجه فيه عدد ، ولكن لا يوافق خط المصحف . أبو حاتم
وقرأ زر بن حبيش في رواية أبان " عده " بكسر العين مضافة إلى هاء الكناية . قال وعاصم : " وهو عندي اسم لما يعد كالذبح والقتل . وقرئ أيضا " عدة " بكسر العين وتاء التأنيث ، والمراد عدة من الزاد والسلاح مشتقا من العدد . ابن عطية
قوله : ولكن كره الله الاستدراك هنا يحتاج إلى تأمل ؛ ولذلك قال : " فإن قلت : كيف موقع حرف الاستدراك ؟ قلت : لما كان قوله الزمخشري ولو أرادوا الخروج معطيا نفي خروجهم واستعدادهم للغزو قيل : ولكن كره الله [انبعاثهم] ، كأنه قيل : ما خرجوا ولكن تثبطوا عن الخروج لكراهة انبعاثهم ، كما [تقول : ما] أحسن زيد إلي ولكن أساء إلي " انتهى . يعني أن ظاهر الآية يقتضي أن ما بعد " لكن " موافق لما قبلها ، وقد تقرر فيها أنها لا تقع إلا بين ضدين أو نقيضين أو خلافين على خلاف في هذا الأخير- فلذلك احتاج إلى الجواب المذكور .
قال الشيخ : " وليست الآية نظير هذا المثال يعني : ما أحسن زيدا إلي ولكن أساء ، لأن المثال واقع فيه " لكن " بين [ضدين ، والآية واقع فيها " لكن " بين] متفقين من جهة المعنى " ، قلت : مرادهم بالنقيضين النفي والإثبات لفظا وإن كانا يتلاقيان في المعنى ، ولا يعد ذلك اتفاقا .
[ ص: 59 ] والتثبيط : التعويق . يقال : ثبطت زيدا أي : عقته عما يريده من قولهم : ناقة ثبطة أي بطيئة السير . والمراد بقوله " اقعدوا " التخلية وهو كناية عن تباطئهم ، وأنهم تشبهوا بالنساء أو الصبيان والزمنى وذوي الأعذار ، وليس المراد قعودا كقوله :
2489 - دع المكارم لا تقصد لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي