قوله : والذين يكنزون الجمهور على قراءته بالواو . وفيه تأويلان ، أحدهما : أنها استئنافية ، و " الذين " مبتدأ ضمن معنى الشرط ؛ ولذلك دخلت الفاء في خبره . والثاني : أنه من أوصاف الكثير من الأحبار والرهبان ، وهو قول عثمان ومعاوية ، ويجوز أن يكون " الذين " منصوبا بفعل مقدر يفسره " فبشرهم " وهو أرجح [لمكان الأمر]
وقرأ " الذين " بغير واو ، وهي تحتمل الوجهين المتقدمين ، ولكن كونها من أوصاف الكثير من الأحبار والرهبان أظهر من الاستئناف عكس التي بالواو . طلحة بن مصرف
[ ص: 42 ] والكنز : الجمع والضم ، ومنه ناقة كناز أي : منضمة الخلق ، ولا يختص بالذهب والفضة ، بل يقال في غيرهما وإن غلب عليهما قال :
2480 - لا در دري إن أطعمت جائعهم قرف الحتي وعندي البر مكنوز
وقال آخر :
2481 - على شديد لحمه كناز بات ينزيني على أوفاز
قوله : ولا ينفقونها تقدم شيئان وعاد الضمير [على] مفرد فقيل : إنه من باب ما حذف لدلالة الكلام عليه ، والتقدير : والذين يكنزون الذهب ولا ينفقونه . وقيل : يعود على المكنوزات ودل على هذا جزؤه المذكور ؛ لأن المكنوز أعم من النقدين وغيرهم ، فلما ذكر الجزء دل على الكل ، فعاد الضمير جمعا بهذا الاعتبار ، ونظيره قول الآخر :
2482 - ولو حلفت بين الصفا أم عامر ومروتها بالله برت يمينها
أي : ومروة مكة ، عاد الضمير عليها لما ذكر جزؤها وهو الصفا . كذا استدل به ابن مالك ، وفيه احتمال ، وهو أن يكون الضمير عائدا على الصفا ، وأنث حملا على المعنى ، إذ هو في معنى البقعة والحدبة . وقيل : الضمير يعود على الذهب لأن تأنيثه أشهر ، ويكون قد حذف بعد الفضة أيضا . وقيل : يعود على النفقة المدلول عليها بالفعل كقوله : اعدلوا هو أقرب . وقيل : [ ص: 43 ] يعود على الزكاة أي : ولا ينفقون زكاة الأموال . وقيل : يعود على الكنوز التي يدل عليها الفعل .