آ . (3) قوله تعالى : وأذان : رفع بالابتداء ، و "من الله" : إما صفة أو متعلق به . "وإلى الناس" الخبر . ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي : وهذا إعلام ، والجاران متعلقان به كما تقدم في "براءة " . قال الشيخ : "ولا وجه لقول من قال إنه معطوف على "براءة" ، كما لا يقال "عمرو" معطوف على "زيد" في "زيد قائم وعمرو قاعد" . وهو [كما قال] ، وهذه عبارة بعينها] [ ص: 7 ] وقرأ [الزمخشري الضحاك وعكرمة : "وإذن" بكسر الهمزة وسكون الذال . وقرأ العامة : وأبو المتوكل "أن الله" بفتح الهمزة على أحد وجهين : إما كونه خبرا لـ "أذان" أي : الإعلام من الله براءته من المشركين- وضعف الشيخ هذا الوجه ولم يذكر تضعيفه- وإما على حذف حرف الجر أي : بأن الله . ويتعلق هذا الجار إما بنفس المصدر ، وإما بمحذوف على أنه صفته . و "يوم" منصوب بما تعلق به الجار في قوله : "إلى الناس" . وزعم بعضهم أنه منصوب بـ "أذان" وهو فاسد من وجهين : أحدهما : وصف المصدر قبل عمله . الثاني : الفصل بينه وبين معموله بأجنبي وهو الخبر .
وقرأ الحسن بكسر الهمزة ، وفيه المذهبان المشهوران : مذهب البصريين إضمار القول ، ومذهب الكوفيين إجراء الأذان مجرى القول . والأعرج
قوله : من المشركين متعلق بنفس "برئ" كما يقال : "برئت منه" ، وهذا بخلاف " براءة من الله " فإنها هناك تحتمل هذا ، وتحتمل أن تكون صفة لـ "براءة" .
قوله : ورسوله الجمهور على رفعه ، وفيه ثلاثة أوجه ، أحدها : أنه مبتدأ والخبر محذوف أي : ورسوله بريء منهم ، وإنما حذف للدلالة عليه . والثاني : أنه معطوف على الضمير المستتر في الخبر ، وجاز ذلك للفصل المسوغ للعطف فرفعه على هذا بالفاعلية . الثالث : أنه معطوف على محل اسم "أن" ، وهذا عند من يجيز ذلك في المفتوحة قياسا على المكسورة . قال [ ص: 8 ] : "ومذهب ابن عطية الأستاذ- يعني ابن الباذش- على مقتضى كلام أن لا موضع لما دخلت عليه "أن" ؛ إذ هو معرب قد ظهر فيه عمل العامل ، وأنه لا فرق بين "أن" وبين" ليت " ، والإجماع على أن لا موضع لما دخلت عليه هذه" . قال الشيخ : "وفيه تعقب ؛ لأن علة كون "أن" لا موضع لما دخلت عليه ليس ظهور عمل العامل بدليل : " ليس زيد بقائم " و " ما في الدار من رجل "فإنه ظهر عمل العامل ولهما موضع ، وقوله : " بالإجماع "يريد أن " ليت " لا موضع لما دخلت عليه بالإجماع- ليس كذلك ؛ لأن سيبويه خالف ، وجعل حكم " ليت " وأخواتها جميعها حكم " إن " بالكسر " . الفراء
قلت : قوله : " بدليل ليس زيد بقائم " إلى آخره قد يظهر الفرق بينهما فإن هذا العامل وإن ظهر عمله فهو في حكم المعدوم ؛ إذ هو زائد فلذلك اعتبرنا الموضع معه بخلاف " أن " بالفتح فإنه عامل غير زائد ، وكان ينبغي أن يرد عليه قوله : " وأن لا فرق بين " أن " وبين " ليت " ، فإن الفرق قائم ، وذلك أن حكم الابتداء قد انتسخ مع ليت ولعل وكأن لفظا ومعنى بخلافه مع إن وأن فإن معناه معهما باق .
وقرأ عيسى بن عمر وزيد بن علي وابن أبي إسحاق " ورسوله " بالنصب . وفيه وجهان ، أظهرهما : أنه عطف على لفظ الجلالة . والثاني : أنه مفعول معه ، قاله . وقرأ الزمخشري " ورسوله " بالجر وفيها وجهان ، أحدهما : أنه مقسم به أي : ورسوله إن الأمر كذلك ، وحذف جوابه لفهم المعنى . والثاني : أنه على الجوار ، كما أنهم نعتوا وأكدوا على الجوار ، وقد [ ص: 9 ] تقدم تحقيقه . وهذه القراءة يبعد صحتها عن الحسن للإبهام ، حتى يحكى أن أعرابيا سمع رجلا يقرأ " ورسوله " بالجر . فقال الأعرابي : إن كان الله قد برئ من رسوله فأنا بريء منه ، فلببه القارئ إلى الحسن رضي الله عنه ، فحكى الأعرابي الواقعة ، فحينئذ أمر عمر بتعليم العربية . ويحكى أيضا هذه عن أمير المؤمنين عمر علي . قال وأبي الأسود الدؤلي : " ولا يكون عطفا على المشركين لأنه يؤدي إلى الكفر " . وهذا من الواضحات . أبو البقاء