بسم الله الرحمن الرحيم
آ. (1) قوله تعالى: يسألونك عن الأنفال : فاعل "يسأل" يعود على معلوم، وهم من حضر بدرا. و "سأل" تارة تكون لاقتضاء معنى في نفس المسئول فتتعدى بـ "عن" كهذه الآية، وكقول الشاعر:
2379 - سلي إن جهلت الناس عنا وعنهم فليس سواء عالم وجهول
وقد تكون لاقتضاء مال ونحوه فتتعدى لاثنين نحو: "سألت زيدا مالا". وقد ادعى بعضهم أن السؤال هنا بهذا المعنى، وزعم أن "عن" زائدة، والتقدير: يسألونك الأنفال، وأيد قوله بقراءة سعد بن أبي وقاص وابن مسعود وعلي بن الحسين وزيد ولده ومحمد الباقر ولده أيضا وولده جعفر الصادق وعكرمة "يسألونك الأنفال" دون "عن". والصحيح أن هذه القراءة على إرادة حرف الجر. وقال بعضهم: "عن" بمعنى "من". وهذا لا ضرورة تدعو إليه. وعطاء:
وقرأ ابن محيصن: "علنفال . والأصل: أنه نقل حركة الهمزة إلى لام [ ص: 556 ] التعريف، ثم اعتد بالحركة العارضة فأدغم النون في اللام كقوله: وقد تبين لكم ، وقد تقدم ذلك في قوله عن الأهلة .
والأنفال: جمع نفل وهي الزيادة على الشيء الواجب وسميت الغنيمة نفلا لزيادتها على حماية الحوزة. قال لبيد:
2380 - إن تقوى ربنا خير نفل وبإذن الله ريثي وعجل
وقال آخر:
2381 - إنا إذا احمر الوغى نروي القنا ونعف عند مقاسم الأنفال
وقيل: سميت "الأنفال" لأن المسلمين فضلوا بها على سائر الأمم. وقال "والنفل: ما ينفله الغازي، أي يعطاه زيادة على سهمه من المغنم". الزمخشري:
قوله: ذات بينكم : قد تقدم الكلام على "ذات" في آل عمران. وهي هنا صفة لمفعول محذوف تقديره: وأصلحوا أحوالا ذات افتراقكم وذات وصلكم، أو ذات المكان المتصل بكم، فإن "بين" قد قيل إنه يراد به هنا الفراق أو الوصل أو الظرف. وقال وغيره: "إن "ذات" هنا بمنزلة [ ص: 557 ] حقيقة الشيء ونفسه". وقد أوضح ذلك الزجاج والتفسير ببيان هذا أولى. ابن عطية.
وقال الشيخ: والبين: الفراق، و "ذات" نعت لمفعول محذوف أي: وأصلحوا أحوالا ذات افتراقكم، لما كانت الأحوال ملابسة للبين أضيفت صفتها إليه، كما تقول: اسقني ذا إنائك أي: ماء صاحب إنائك، لما لابس الماء الإناء وصف بـ "ذا" وأضيف على الإناء. والمعنى: اسقني ما في الإناء من الماء.