ثم بين علة هذه الأفعال في ذلك اليوم، فقال معبرا بالجزاء والكسب الذي [هو] محط التكليف وظن النفع، لاقتضاء سياق القهر لهما: ليجزي الله أي الذي له الكمال كله كل نفس طائعة أو عاصية. ولما عظم الأمر بإسناد الجزاء إلى الاسم الأعظم الجامع لجميع صفات الكمال، اقتضى ذلك أن يكون لأن ذلك أبدع وأدق في الصنع وأبرع بأن يصور بما يحق من الصور المليحة عند إرادة الثواب، والقبيحة عند إرادة العقاب، فلذلك أسقط الباء - التي [ ص: 441 ] ستذكر في "حم المؤمن" وقال: نفس الكسب هو الجزاء، ما كسبت والجزاء: مقابلة العمل بما يقتضيه من خير أو شر; والكسب: فعل ما يستجلب به نفع أو يستدفع به ضر، ومن جزاء المؤمن عقوبة من عاداه في الله.
ولما كان حساب كل نفس جديرا بأن يستعظم، قال: إن الله أي الذي له الإحاطة المطلقة سريع الحساب أي لا يشغله حساب نفس عن حساب أخرى ولا شأن عن شأن.