الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          [ ص: 397 ] كتاب الوقف مصدر وقف الشيء إذا حبسه وأحبسه ، وأوقفه لغة شاذة كأحبسه .

                                                                          قال الشافعي : لم يحبس أهل الجاهلية وإنما حبس أهل الإسلام . وهو من القرب المندوب إليها لحديث ابن عمر قال { أصاب عمر أرضا بخيبر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها فقال يا رسول الله ، إني أصبت مالا بخيبر لم أصب قط مالا أنفس عندي منه فما تأمرني فيه ؟ قال : إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها غير أنه لا يباع أصلها ولا توهب ولا تورث . قال : فتصدق بها عمر في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب ، وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف ، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقا غير متمول فيه } وفي لفظ " غير متأثل " متفق عليه ولحديث { إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له } قال الترمذي حديث حسن صحيح . وقال جابر " لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة إلا وقف " وهو شرعا ( تحبيس مالك مطلق التصرف ماله المنتفع به مع بقاء عينه بقطع تصرفه ) متعلق بتحبيس على أنه مبين له ، أي : إمساك المال عن أسباب التملكات بقطع تصرف مالكه ( وغيره في رقبته ) بشيء من التصرفات ( يصرف ريعه ) أي : غلة المال وثمرته ونحوها بسبب تحبيسه ( إلى جهة بر ) يعينها واقفه ( تقربا إلى الله تعالى ) بأن ينوي به القربة . وهذا الحد لصاحب المطلع ، وتبعه المنقح عليه وتابعهما المصنف . واستظهر في شرحه أن قوله " تقربا إلى الله تعالى " إنما هو في وقف يترتب عليه الثواب ، فإن الإنسان قد يقف على غيره توددا أو على أولاده خشية بيعه بعد موته وإتلاف ثمنه ، [ ص: 398 ] أو خشية أن يحجر عليه فيباع في دينه ، أو رياء ونحوه ، وهو وقف لازم لا ثواب فيه ; لأنه لم يبتغ به وجه الله تعالى . وعلم منه أنه لا يصح الوقف من نحو مكاتب وسفيه ، ولا وقف نحو الكلب والخمر ، ولا نحو المطعوم والمشروب إلا الماء ويأتي

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية