[ ص: 31 ] تفسير الفاتحة
وهي مكية
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28971_29693_28972nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم nindex.php?page=treesubj&link=33133_33144_33147_34513_28972nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد لله رب العالمين nindex.php?page=treesubj&link=28723_29693_28972nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=3الرحمن الرحيم nindex.php?page=treesubj&link=28723_29687_30179_30291_28972nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=4مالك يوم الدين nindex.php?page=treesubj&link=28662_28680_30513_33179_28972nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إياك نعبد وإياك نستعين nindex.php?page=treesubj&link=32050_32063_33179_28972nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم nindex.php?page=treesubj&link=31948_32000_32416_32429_28972nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين
(1) أي: أبتدئ بكل اسم لله تعالى؛ لأن لفظ (اسم) مفرد مضاف، فيعم جميع الأسماء الحسنى .
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1الله هو المألوه المعبود، المستحق لإفراده بالعبادة، لما اتصف به من صفات الألوهية وهي صفات الكمال.
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1الرحمن الرحيم : اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء، وعمت كل حي، وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله. فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة، ومن عداهم لهم نصيب منها.
واعلم أن من القواعد المتفق عليها بين سلف الأمة وأئمتها،
nindex.php?page=treesubj&link=29443الإيمان بأسماء الله وصفاته، وأحكام الصفات.
فيؤمنون مثلا بأنه رحمن رحيم، ذو الرحمة التي اتصف بها، المتعلقة بالمرحوم. فالنعم كلها، أثر من آثار رحمته، وهكذا في سائر الأسماء. يقال في العليم: إنه عليم ذو علم، يعلم به كل شيء، قدير، ذو قدرة يقدر على كل شيء.
(2)
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد لله هو :
nindex.php?page=treesubj&link=33144_33147الثناء على الله بصفات الكمال ، وبأفعاله الدائرة بين الفضل والعدل، فله الحمد الكامل، بجميع الوجوه.
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2رب العالمين nindex.php?page=treesubj&link=28658الرب: هو المربي جميع العالمين -وهم من سوى الله- بخلقه إياهم ، وإعداده لهم الآلات،
[ ص: 32 ] وإنعامه عليهم النعم العظيمة، التي لو فقدوها، لم يمكن لهم البقاء. فما بهم من نعمة، فمنه تعالى.
nindex.php?page=treesubj&link=29485_28658وتربيته تعالى لخلقه نوعان: عامة وخاصة .
فالعامة: هي خلقه للمخلوقين، ورزقهم، وهدايتهم لما فيه مصالحهم، التي فيها بقاؤهم في الدنيا. والخاصة: تربيته لأوليائه، فيربيهم بالإيمان، ويوفقهم له، ويكمله لهم، ويدفع عنهم الصوارف والعوائق الحائلة بينهم وبينه، وحقيقتها: تربية التوفيق لكل خير، والعصمة عن كل شر. ولعل هذا المعنى هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب، فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة.
فدل قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2رب العالمين على
nindex.php?page=treesubj&link=28658انفراده بالخلق والتدبير، والنعم، وكمال غناه، وتمام فقر العالمين إليه ، بكل وجه واعتبار.
(4)
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=4مالك يوم الدين المالك: هو من اتصف بصفة الملك التي من آثارها أنه يأمر وينهى، ويثيب ويعاقب، ويتصرف بمماليكه بجميع أنواع التصرفات، وأضاف الملك ليوم الدين، وهو
nindex.php?page=treesubj&link=30291_30296_28766يوم القيامة، يوم يدان الناس فيه بأعمالهم، خيرها وشرها ، لأن في ذلك اليوم، يظهر للخلق تمام الظهور، كمال ملكه وعدله وحكمته، وانقطاع أملاك الخلائق. حتى إنه يستوي في ذلك اليوم، الملوك والرعايا والعبيد والأحرار، كلهم مذعنون لعظمته، خاضعون لعزته، منتظرون لمجازاته، راجون ثوابه، خائفون من عقابه، فلذلك خصه بالذكر، وإلا فهو المالك ليوم الدين ولغيره من الأيام.
(5) وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إياك نعبد وإياك نستعين أي: نخصك وحدك بالعبادة.
والاستعانة، لأن تقديم المعمول يفيد الحصر، وهو إثبات الحكم للمذكور، ونفيه عما عداه. فكأنه يقول: نعبدك، ولا نعبد غيرك، ونستعين بك، ولا نستعين بغيرك.
وقدم العبادة على الاستعانة، من باب تقديم العام على الخاص، واهتماما بتقديم حقه تعالى على حق عبده.
و (العبادة) اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة
[ ص: 33 ] والباطنة. و (الاستعانة) هي الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع، ودفع المضار، مع الثقة به في تحصيل ذلك.
nindex.php?page=treesubj&link=28680والقيام بعبادة الله والاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الأبدية، والنجاة من جميع الشرور، فلا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام بهما. وإنما تكون العبادة عبادة، إذا كانت مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصودا بها وجه الله، فبهذين الأمرين تكون عبادة، وذكر (الاستعانة) بعد (العبادة) مع دخولها فيها، لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله تعالى. فإنه إن لم يعنه الله، لم يحصل له ما يريده من فعل الأوامر، واجتناب النواهي.
ثم قال تعالى:
(6)
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم أي: دلنا وأرشدنا، ووفقنا للصراط المستقيم، وهو الطريق الواضح الموصل إلى الله، وإلى جنته، وهو معرفة الحق والعمل به، فاهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط.
nindex.php?page=treesubj&link=32050فالهداية إلى الصراط: لزوم دين الإسلام، وترك ما سواه من الأديان ، والهداية في الصراط، تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علما وعملا. فهذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها للعبد ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته، لضرورته إلى ذلك. وهذا الصراط المستقيم هو:
(7)
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صراط الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7غير صراط
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7المغضوب عليهم الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم. وغير صراط
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7الضالين الذين تركوا الحق على جهل وضلال، كالنصارى ونحوهم.
فهذه السورة على إيجازها، قد احتوت على ما لم تحتو عليه سورة من سور القرآن، فتضمنت أنواع التوحيد الثلاثة:
nindex.php?page=treesubj&link=28658توحيد الربوبية يؤخذ من قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2رب العالمين ،
nindex.php?page=treesubj&link=28663وتوحيد الإلهية وهو إفراد الله بالعبادة، يؤخذ من لفظ: " الله " ومن قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إياك نعبد ،
nindex.php?page=treesubj&link=28724وتوحيد الأسماء والصفات، وهو إثبات صفات الكمال لله تعالى، التي أثبتها لنفسه، وأثبتها له رسوله من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه، وقد دل على ذلك لفظ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد كما تقدم.
[ ص: 34 ]
وتضمنت إثبات النبوة في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم لأن ذلك ممتنع بدون الرسالة.
nindex.php?page=treesubj&link=30531وإثبات الجزاء على الأعمال في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=4مالك يوم الدين وأن
nindex.php?page=treesubj&link=30531الجزاء يكون بالعدل، لأن الدين معناه الجزاء بالعدل.
وتضمنت
nindex.php?page=treesubj&link=30451إثبات القدر، وأن العبد فاعل حقيقة، خلافا
للقدرية والجبرية. بل تضمنت الرد على جميع أهل البدع والضلال في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم لأنه معرفة الحق والعمل به. وكل مبتدع وضال فهو مخالف لذلك.
وتضمنت
nindex.php?page=treesubj&link=19696_28680إخلاص الدين لله تعالى، عبادة واستعانة في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إياك نعبد وإياك نستعين . فالحمد لله رب العالمين.
[ ص: 31 ] تَفْسِيرُ الْفَاتِحَةِ
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ
nindex.php?page=treesubj&link=28723_28971_29693_28972nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ nindex.php?page=treesubj&link=33133_33144_33147_34513_28972nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=treesubj&link=28723_29693_28972nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=3الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ nindex.php?page=treesubj&link=28723_29687_30179_30291_28972nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=4مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ nindex.php?page=treesubj&link=28662_28680_30513_33179_28972nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ nindex.php?page=treesubj&link=32050_32063_33179_28972nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ nindex.php?page=treesubj&link=31948_32000_32416_32429_28972nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ
(1) أَيْ: أَبْتَدِئُ بِكُلِّ اسْمٍ لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ لَفْظَ (اسْمٍ) مُفْرَدٌ مُضَافٌ، فَيَعُمُّ جَمِيعَ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى .
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1اللَّهِ هُوَ الْمَأْلُوهُ الْمَعْبُودُ، الْمُسْتَحِقُّ لِإِفْرَادِهِ بِالْعِبَادَةِ، لِمَا اتَّصَفَ بِهِ مِنْ صِفَاتِ الْأُلُوهِيَّةِ وَهِيَ صِفَاتُ الْكَمَالِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ : اسْمَانِ دَالَّانِ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى ذُو الرَّحْمَةِ الْوَاسِعَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، وَعَمَّتْ كُلَّ حَيٍّ، وَكَتَبَهَا لِلْمُتَّقِينَ الْمُتَّبِعِينَ لِأَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ. فَهَؤُلَاءِ لَهُمُ الرَّحْمَةُ الْمُطْلَقَةُ، وَمَنْ عَدَاهُمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْهَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ مِنَ الْقَوَاعِدِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا بَيْنَ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا،
nindex.php?page=treesubj&link=29443الْإِيمَانُ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ، وَأَحْكَامِ الصِّفَاتِ.
فَيُؤْمِنُونَ مَثَلًا بِأَنَّهُ رَحْمَنٌ رَحِيمٌ، ذُو الرَّحْمَةِ الَّتِي اتَّصَفَ بِهَا، الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَرْحُومِ. فَالنِّعَمُ كُلُّهَا، أَثَرٌ مِنْ آثَارِ رَحْمَتِهِ، وَهَكَذَا فِي سَائِرِ الْأَسْمَاءِ. يُقَالُ فِي الْعَلِيمِ: إِنَّهُ عَلِيمٌ ذُو عِلْمٍ، يَعْلَمُ بِهِ كُلَّ شَيْءٍ، قَدِيرٌ، ذُو قُدْرَةٍ يَقْدِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.
(2)
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ لِلَّهِ هُوَ :
nindex.php?page=treesubj&link=33144_33147الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ ، وَبِأَفْعَالِهِ الدَّائِرَةِ بَيْنَ الْفَضْلِ وَالْعَدْلِ، فَلَهُ الْحَمْدُ الْكَامِلُ، بِجَمِيعِ الْوُجُوهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2رَبِّ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=treesubj&link=28658الرَّبُّ: هُوَ الْمُرَبِّي جَمِيعَ الْعَالَمِينَ -وَهُمْ مَنْ سِوَى اللَّهِ- بِخَلْقِهِ إِيَّاهُمْ ، وَإِعْدَادِهِ لَهُمُ الْآلَاتِ،
[ ص: 32 ] وَإِنْعَامِهِ عَلَيْهِمُ النِّعَمَ الْعَظِيمَةَ، الَّتِي لَوْ فَقَدُوهَا، لَمْ يُمْكِنْ لَهُمُ الْبَقَاءُ. فَمَا بِهِمْ مِنْ نِعْمَةٍ، فَمِنْهُ تَعَالَى.
nindex.php?page=treesubj&link=29485_28658وَتَرْبِيَتُهُ تَعَالَى لِخَلْقِهِ نَوْعَانِ: عَامَّةٌ وَخَاصَّةٌ .
فَالْعَامَّةُ: هِيَ خَلْقُهُ لِلْمَخْلُوقِينَ، وَرِزْقُهُمْ، وَهِدَايَتُهُمْ لِمَا فِيهِ مَصَالِحُهُمُ، الَّتِي فِيهَا بَقَاؤُهُمْ فِي الدُّنْيَا. وَالْخَاصَّةُ: تَرْبِيَتُهُ لِأَوْلِيَائِهِ، فَيُرَبِّيهِمْ بِالْإِيمَانِ، وَيُوَفِّقُهُمْ لَهُ، وَيُكْمِلُهُ لَهُمْ، وَيَدْفَعُ عَنْهُمُ الصَّوَارِفَ وَالْعَوَائِقَ الْحَائِلَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، وَحَقِيقَتُهَا: تَرْبِيَةُ التَّوْفِيقِ لِكُلِّ خَيْرٍ، وَالْعِصْمَةُ عَنْ كُلِّ شَرٍّ. وَلَعَلَّ هَذَا الْمَعْنَى هُوَ السِّرُّ فِي كَوْنِ أَكْثَرِ أَدْعِيَةِ الْأَنْبِيَاءِ بِلَفْظِ الرَّبِّ، فَإِنَّ مَطَالِبَهُمْ كُلَّهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ رُبُوبِيَّتِهِ الْخَاصَّةِ.
فَدَلَّ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28658انْفِرَادِهِ بِالْخَلْقِ وَالتَّدْبِيرِ، وَالنِّعَمِ، وَكَمَالِ غِنَاهُ، وَتَمَامِ فَقْرِ الْعَالَمِينَ إِلَيْهِ ، بِكُلِّ وَجْهٍ وَاعْتِبَارٍ.
(4)
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=4مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ الْمَالِكُ: هُوَ مَنِ اتَّصَفَ بِصِفَةِ الْمَلِكِ الَّتِي مِنْ آثَارِهَا أَنَّهُ يَأْمُرُ وَيَنْهَى، وَيُثِيبُ وَيُعَاقِبُ، وَيَتَصَرَّفُ بِمَمَالِيكِهِ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ، وَأَضَافَ الْمُلْكَ لِيَوْمِ الدِّينِ، وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=30291_30296_28766يَوْمُ الْقِيَامَةِ، يَوْمٌ يُدَانُ النَّاسُ فِيهِ بِأَعْمَالِهِمْ، خَيْرِهَا وَشَرِّهَا ، لِأَنَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، يَظْهَرُ لِلْخَلْقِ تَمَامَ الظُّهُورِ، كَمَالُ مُلْكِهِ وَعَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَانْقِطَاعُ أَمْلَاكِ الْخَلَائِقِ. حَتَّى إِنَّهُ يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، الْمُلُوكُ وَالرَّعَايَا وَالْعَبِيدُ وَالْأَحْرَارُ، كُلُّهُمْ مُذْعِنُونَ لِعَظَمَتِهِ، خَاضِعُونَ لِعِزَّتِهِ، مُنْتَظِرُونَ لِمُجَازَاتِهِ، رَاجُونَ ثَوَابَهُ، خَائِفُونَ مِنْ عِقَابِهِ، فَلِذَلِكَ خَصَّهُ بِالذِّكْرِ، وَإِلَّا فَهُوَ الْمَالِكُ لِيَوْمِ الدِّينِ وَلِغَيْرِهِ مِنَ الْأَيَّامِ.
(5) وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ أَيْ: نَخُصُّكَ وَحْدَكَ بِالْعِبَادَةِ.
وَالِاسْتِعَانَةُ، لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْمَعْمُولِ يُفِيدُ الْحَصْرَ، وَهُوَ إِثْبَاتُ الْحُكْمِ لِلْمَذْكُورِ، وَنَفْيُهُ عَمَّا عَدَاهُ. فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: نَعْبُدُكَ، وَلَا نَعْبُدُ غَيْرَكَ، وَنَسْتَعِينُ بِكَ، وَلَا نَسْتَعِينُ بِغَيْرِكَ.
وَقَدَّمَ الْعِبَادَةَ عَلَى الِاسْتِعَانَةِ، مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، وَاهْتِمَامًا بِتَقْدِيمِ حَقِّهِ تَعَالَى عَلَى حَقِّ عَبْدِهِ.
وَ (الْعِبَادَةُ) اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْأَقْوَالِ الظَّاهِرَةِ
[ ص: 33 ] وَالْبَاطِنَةِ. وَ (الِاسْتِعَانَةُ) هِيَ الِاعْتِمَادُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي جَلْبِ الْمَنَافِعِ، وَدَفْعِ الْمَضَارِّ، مَعَ الثِّقَةِ بِهِ فِي تَحْصِيلِ ذَلِكَ.
nindex.php?page=treesubj&link=28680وَالْقِيَامُ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَالِاسْتِعَانَةُ بِهِ هُوَ الْوَسِيلَةُ لِلسَّعَادَةِ الْأَبَدِيَّةِ، وَالنَّجَاةُ مِنْ جَمِيعِ الشُّرُورِ، فَلَا سَبِيلَ إِلَى النَّجَاةِ إِلَّا بِالْقِيَامِ بِهِمَا. وَإِنَّمَا تَكُونُ الْعِبَادَةُ عِبَادَةً، إِذَا كَانَتْ مَأْخُوذَةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقْصُودًا بِهَا وَجْهَ اللَّهِ، فَبِهَذَيْنَ الْأَمْرَيْنِ تَكُونُ عِبَادَةً، وَذَكَرَ (الِاسْتِعَانَةَ) بَعْدَ (الْعِبَادَةِ) مَعَ دُخُولِهَا فِيهَا، لِاحْتِيَاجِ الْعَبْدِ فِي جَمِيعِ عِبَادَاتِهِ إِلَى الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ تَعَالَى. فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يُعِنْهُ اللَّهُ، لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مَا يُرِيدُهُ مِنْ فِعْلِ الْأَوَامِرِ، وَاجْتِنَابِ النَّوَاهِي.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى:
(6)
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ أَيْ: دُلَّنَا وَأَرْشِدَنَا، وَوَفِّقَنَا لِلصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَهُوَ الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ الْمُوصِلُ إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى جَنَّتِهِ، وَهُوَ مَعْرِفَةُ الْحَقِّ وَالْعَمَلِ بِهِ، فَاهْدِنَا إِلَى الصِّرَاطِ وَاهْدِنَا فِي الصِّرَاطِ.
nindex.php?page=treesubj&link=32050فَالْهِدَايَةُ إِلَى الصِّرَاطِ: لُزُومُ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَتَرْكُ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَدْيَانِ ، وَالْهِدَايَةُ فِي الصِّرَاطِ، تَشْمَلُ الْهِدَايَةَ لِجَمِيعِ التَّفَاصِيلِ الدِّينِيَّةِ عِلْمًا وَعَمَلًا. فَهَذَا الدُّعَاءُ مِنْ أَجْمَعِ الْأَدْعِيَةِ وَأَنْفَعِهَا لِلْعَبْدِ وَلِهَذَا وَجَبَ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ بِهِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاتِهِ، لِضَرُورَتِهِ إِلَى ذَلِكَ. وَهَذَا الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ:
(7)
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7غَيْرِ صِرَاطِ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ الَّذِينَ عَرَفُوا الْحَقَّ وَتَرَكُوهُ كَالْيَهُودِ وَنَحْوَهُمْ. وَغَيْرِ صِرَاطِ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7الضَّالِّينَ الَّذِينَ تَرَكُوا الْحَقَّ عَلَى جَهْلٍ وَضَلَالٍ، كَالنَّصَارَى وَنَحْوِهِمْ.
فَهَذِهِ السُّورَةُ عَلَى إِيجَازِهَا، قَدِ احْتَوَتْ عَلَى مَا لَمْ تَحْتَوِ عَلَيْهِ سُورَةٌ مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ، فَتَضَمَّنَتْ أَنْوَاعَ التَّوْحِيدِ الثَّلَاثَةَ:
nindex.php?page=treesubj&link=28658تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2رَبِّ الْعَالَمِينَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28663وَتَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ وَهُوَ إِفْرَادُ اللَّهِ بِالْعِبَادَةِ، يُؤْخَذُ مِنْ لَفْظِ: " اللَّهِ " وَمِنْ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إِيَّاكَ نَعْبُدُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28724وَتَوْحِيدِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَهُوَ إِثْبَاتُ صِفَاتِ الْكَمَالِ لِلَّهِ تَعَالَى، الَّتِي أَثْبَتَهَا لِنَفْسِهِ، وَأَثْبَتَهَا لَهُ رَسُولُهُ مِنْ غَيْرِ تَعْطِيلٍ وَلَا تَمْثِيلٍ وَلَا تَشْبِيهٍ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ لَفْظُ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ كَمَا تَقَدَّمَ.
[ ص: 34 ]
وَتَضَمَّنَتْ إِثْبَاتَ النُّبُوَّةِ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ لِأَنَّ ذَلِكَ مُمْتَنِعٌ بِدُونِ الرِّسَالَةِ.
nindex.php?page=treesubj&link=30531وَإِثْبَاتَ الْجَزَاءِ عَلَى الْأَعْمَالِ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=4مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30531الْجَزَاءَ يَكُونُ بِالْعَدْلِ، لِأَنَّ الدِّينَ مَعْنَاهُ الْجَزَاءُ بِالْعَدْلِ.
وَتَضَمَّنَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=30451إِثْبَاتَ الْقَدَرِ، وَأَنَّ الْعَبْدَ فَاعِلٌ حَقِيقَةً، خِلَافًا
لِلْقَدَرِيَّةِ وَالْجَبْرِيَّةِ. بَلْ تَضَمَّنَتِ الرَّدَّ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ لِأَنَّهُ مَعْرِفَةُ الْحَقِّ وَالْعَمَلُ بِهِ. وَكُلُّ مُبْتَدِعٌ وَضَالٌّ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ.
وَتَضَمَّنَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=19696_28680إِخْلَاصَ الدِّينِ لِلَّهِ تَعَالَى، عِبَادَةً وَاسْتِعَانَةً فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ . فَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.