ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ
ولقد جاءت رسلنا إبراهيم وهم الملائكة.
عن - رضي الله عنهما - أنهم ابن عباس جبريل وملكان، وقيل: هم جبريل وميكائيل وإسرافيل - عليهم السلام - وقال كانوا تسعة، وعن الضحاك: : محمد بن كعب جبريل ومعه سبعة، وعن أحد عشر على صور الغلمان الوضاء وجوههم، وعن السدي كانوا اثني عشر ملكا، وإنما أسند إليهم مطلق المجيء بالبشرى دون الإرسال؛ لأنهم لم يكونوا مرسلين إليه - عليه السلام - بل إلى قوم مقاتل: لوط لقوله تعالى: إنا أرسلنا إلى قوم لوط وإنما جاءوه لداعية البشرى، ولما كان المقصود في السورة الكريمة ذكر سوء صنيع الأمم السالفة مع الرسل المرسلة إليهم، ولحوق العذاب بهم بسبب ذلك، ولم يكن جميع قوم إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - ممن لحق بهم العذاب، بل إنما لحق بقوم لوط منهم خاصة غير الأسلوب المطرد فيما سبق من قوله تعالى: "وإلى عاد أخاهم هودا" "وإلى ثمود أخاهم صالحا" ثم رجع إليه حيث قيل: "وإلى مدين أخاهم شعيبا".
بالبشرى أي: ملتبسين بها، قيل: هي مطلق البشرى المنتظمة للبشارة بالولد من سارة لقوله تعالى: فبشرناها بإسحاق ... الآية، وقوله تعالى: فبشرناه بغلام حليم وقوله: وبشروه بغلام عليم وللبشارة بعدم لحوق الضرر به؛ لقوله تعالى: إبراهيم الروع وجاءته البشرى فلما ذهب عن لظهور تفرع المجادلة على مجيئها كما سيأتي، وقيل: هي البشارة بهلاك قوم لوط ، ويأباه مجادلته عليه الصلاة والسلام في شأنهم، والأظهر أنها البشارة بالولد، وستعرف سر تفرع المجادلة على ذلك، ولما كان الإخبار بمجيئهم بالبشرى مظنة لسؤال السامع بأنهم ما قالوا أجيب بأنهم قالوا سلاما أي: سلمنا أو نسلم عليك سلاما، ويجوز أن يكون نصبه بـ"قالوا"، أي: قالوا قولا ذا سلام، أو ذكروا سلاما قال سلام أي: عليكم سلام، أو سلام عليكم، حياهم بأحسن من تحيتهم، وقرئ سلم كحرم في حرام، وقرأ ابن أبي عبلة: قال سلاما، وعنه أنه قرأ بالرفع فيهما.
فما لبث أي: إبراهيم أن جاء بعجل أي في المجيء به، أو ما لبث مجيئه بعجل حنيذ أي: مشوي بالرضف في الأخدود، وقيل: سمين يقطر ودكه لقوله: (بعجل سمين) من حنذت الفرس إذا عرقته بالجلال.