أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون
أبلغكم رسالات ربي استئناف مسوق لتقرير رسالته ، وتفصيل أحكامها وأحوالها . وقيل : صفة أخرى لرسول ، على طريقة : أنا الذي سمتني أمي حيدره .
وقرئ : ( أبلغكم ) من الإبلاغ ، وجمع رسالات لاختلاف أوقاتها ، أو لتنوع معانيها ، أو لأن المراد بها : ما أوحي إليه وإلى النبيين من قبله .
وتخصيص ربوبيته تعالى به عليه الصلاة والسلام بعد بيان عمومها للعالمين ، للإشعار لعلة الحكم الذي هو تبليغ رسالته تعالى إليهم ، فإن ربوبيته تعالى له عليه الصلاة والسلام من موجبات امتثاله بأمره تعالى بتبليغ رسالته تعالى إليهم .
وأنصح لكم عطف على " أبلغكم " مبين لكيفية أداء الرسالة ، وزيادة اللام مع تعدي النصح بنفسه ; للدلالة على إمحاض النصيحة لهم ، وأنها لمنفعتهم ومصلحتهم خاصة ، وصيغة المضارع للدلالة على تجدد نصيحته لهم ، كما يعرب عنه قوله تعالى : رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا .
وقوله تعالى : وأعلم من الله ما لا تعلمون عطف على ما قبله ، وتقرير لرسالته عليه الصلاة والسلام ; أي : أعلم من جهة الله تعالى بالوحي ، ما لا تعلمونه من الأمور الآتية ، أو أعلم من شئونه عز وجل وقدرته القاهرة ، وبطشه الشديد على أعدائه ، وأن بأسه لا يرد عن القوم المجرمين ما لا تعلمونه .
قيل : كانوا لم يسمعوا بقوم حل بهم العذاب قبلهم ، فكانوا غافلين آمنين لا يعلمون ما علمه نوح عليه السلام بالوحي .