لخزنة جهنم للقوام بتعذيب أهلها. فإن قلت: هلا قيل: الذين في النار لخزنتها؟ قلت: لأن في ذكر جهنم تهويلا وتفظيعا، ويحتمل أن جهنم هي أبعد النار قعرا، من قولهم: بئر جهنام بعيدة القعر، وقولهم في : جهنام، تسمية بها; لزعمهم أنه يلقي الشعر على لسان المنتسب إليه، فهو بعيد الغور في علمه بالشعر، كما قال النابغة في خلف الأحمر [من الرجز]: أبو نواس
قليذم من العياليم الخسف
[ ص: 353 ] وفيها أعتى الكفار وأطغاهم، فلعل الملائكة الموكلين بعذاب أولئك أجوب دعوة لزيادة قربهم من الله تعالى، فلهذا تعمدهم أهل النار بطلب الدعوة منهم. أو لم تك تأتيكم إلزام للحجة وتوبيخ، وأنهم خلفوا وراءهم أوقات الدعاء والتضرع، وعطلوا الأسباب التي يستجيب الله لها الدعوات. قالوا فادعوا أنتم، فإنا لا نجترئ على ذلك ولا نشفع إلا بشرطين: كون المشفوع له غير ظالم، والإذن في الشفاعة مع مراعاة وقتها، وذلك قبل الحكم الفاصل بين الفريقين، وليس قولهم "فادعوا" لرجاء المنفعة، ولكن للدلالة على الخيبة; فإن الملك المقرب إذا لم يسمع دعاؤه، فكيف يسمع دعاء الكافر.