إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا
يؤذون الله ورسوله فيه وجهان ، أحدهما : أن يعبر بإيذائهما عن فعل ما يكرهانه ولا يرضيانه : من الكفر والمعاصي ، وإنكار النبوة ، ومخالفة الشريعة ، وما كانوا يصيبون به رسول الله -صلى الله عليه وسلم - من أنواع المكروه ، على سبيل المجاز . وإنما جعلته مجازا فيهما جميعا ، وحقيقة الإيذاء صحيحة في رسول الله -صلى الله عليه وسلم - لئلا أجعل العبارة الواحدة معطية معنى المجاز والحقيقة . والثاني : أن يراد يؤذون رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ، وقيل : في أذى الله : هو [ ص: 97 ] قول اليهود والنصارى والمشركين : يد الله مغلولة وثالث ثلاثة والمسيح ابن الله والملائكة بنات الله والأصنام شركاؤه . وقيل : قول الذين يلحدون في أسمائه وصفاته . آدم ولم ينبغ له أن يشتمني ، وآذاني ولم ينبغ له أن يؤذيني ، فأما شتمه إياي فقوله : إني اتخذت ولدا . وأما أذاه فقوله : إن الله لا يعيدني بعد أن بدأني " . وعن وعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فيما حكى عن ربه : "شتمني ابن : فعل أصحاب التصاوير الذين يرمون تكوين خلق مثل خلق الله . وقيل : في أذى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قولهم : ساحر ، شاعر ، كاهن ، مجنون . وقيل : كسر رباعيته وشج وجهه يوم بدر . وقيل : طعنهم عليه في نكاح عكرمة ، وأطلق إيذاء الله ورسوله ، وقيد إيذاء المؤمنين والمؤمنات ; لأن أذى الله ورسوله لا يكون إلا غير حق أبدا . وأما أذى المؤمنين والمؤمنات ، فمنه ومنه . ومعنى صفية بنت حيي بغير ما اكتسبوا بغير جناية واستحقاق للأذى . وقيل : نزلت في ناس من المنافقين يؤذون -رضي الله عنه - ويسمعونه . وقيل : في الذين أفكوا على عليا -رضي الله عنها - . وقيل : في زناة كانوا يتبعون النساء وهن كارهات . وعن عائشة : لا يحل لك أن تؤذي كلبا أو خنزيرا بغير حق ، فكيف وكان الفضيل ابن عون لا يكري الحوانيت إلا من أهل الذمة ، لما فيه من الروعة عند كر الحول ؟ .