إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما
قرئ : (وملائكته ) بالرفع ، عطفا على محل إن واسمها ، وهو ظاهر على مذهب الكوفيين ، ووجهه عند البصريين ، أن يحذف الخبر لدلالة يصلون عليه صلوا عليه وسلموا أي : قولوا الصلاة على الرسول والسلام . ومعناه : الدعاء بأن يترحم عليه الله ويسلم . فإن قلت : الصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم - واجبة أم مندوب إليها ؟ قلت : بل واجبة ، وقد اختلفوا في حال وجوبها . فمنهم من أوجبها كلما جرى ذكره . وفى الحديث : ، ويروى "من ذكرت عنده فلم يصل علي فدخل النار فأبعده الله " إن الله وملائكته يصلون على النبي فقال صلى الله عليه وسلم : "هذا [ ص: 94 ] من العلم المكنون ولولا أنكم سألتموني عنه ما أخبرتكم به ، إن الله وكل بي ملكين فلا أذكر عند مسلم فيصلي علي إلا قال ذانك الملكان : غفر الله لك ، وقال الله تعالى وملائكته جوابا لذينك الملكين : آمين ، ولا أذكر عند عبد مسلم فلا يصلي علي إلا قال ذانك الملكان : لا غفر الله لك ، وقال الله وملائكته لذينك الملكين : آمين " . ومنهم من قال : تجب في كل مجلس مرة ، وإن تكرر ذكره ، كما قيل في آية السجدة وتشميت العاطس ، وكذلك في كل دعاء في أوله وآخره . ومنهم من أوجبها في العمر مرة ، وكذا قال في إظهار الشهادتين . والذي يقتضيه الاحتياط . الصلاة عليه عند كل ذكر ، لما ورد من الأخبار . فإن قلت : فالصلاة عليه في الصلاة ، أهي شرط في جوازها أم [ ص: 95 ] لا ؟ قلت : أنه قيل : [ ص: 93 ] يا رسول الله ; أرأيت قول الله تعالى : وأصحابه لا يرونها شرطا ، وعن أبو حنيفة : كانوا يكتفون عن [ ص: 96 ] ذلك -يعني الصحابة – بالتشهد ، وهو السلام عليك أيها النبي ، وأما إبراهيم النخعي رحمه الله فقد جعلها شرطا . فإن قلت : فما تقول في الصلاة على غيره ؟ قلت : القياس جواز الصلاة على كل مؤمن ، لقوله تعالى : الشافعي هو الذي يصلي عليكم [الأحزاب : 43 ] وقوله تعالى : وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم [التوبة : 103 ] وقوله صلى الله عليه وسلم : أبي أوفى " . ولكن للعلماء تفصيلا في ذلك : وهو أنها إن كانت على سبيل التبع كقولك : صلى الله على النبي وآله ، فلا كلام فيها . وأما إذا أفرد غيره من أهل البيت بالصلاة كما يفرد هو ، فمكروه ; لأن ذلك صار شعارا لذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ، ولأنه يؤدي إلى الاتهام بالرفض ، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : "اللهم صل على آل "من كان يؤمن بالله وباليوم الآخر فلا يقفن مواقف التهم " .