قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=81ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=81ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون أي أمرنا طاعة ، ويجوز " طاعة " بالنصب ، أي نطيع طاعة ، وهي قراءة
[ ص: 249 ] نصر بن عاصم والحسن والجحدري . وهذا في المنافقين في قول أكثر المفسرين ؛ أي يقولون إذا كانوا عندك : أمرنا طاعة ، أو نطيع طاعة ، وقولهم هذا ليس بنافع ؛ لأن من لم يعتقد الطاعة ليس بمطيع حقيقة ، لأن الله تعالى لم يحقق طاعتهم بما أظهروه ، فلو كانت الطاعة بلا اعتقاد حقيقة لحكم بها لهم ؛ فثبت أن الطاعة بالاعتقاد مع وجودها . فإذا برزوا أي خرجوا من عندك
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=81بيت طائفة منهم فذكر الطائفة لأنها في معنى رجال . وأدغم الكوفيون التاء في الطاء ؛ لأنهما من مخرج واحد ، واستقبح ذلك
الكسائي في الفعل وهو عند البصريين غير قبيح . ومعنى بيت زور وموه . وقيل : غير وبدل وحرف ؛ أي بدلوا قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما عهده إليهم وأمرهم به . والتبييت التبديل ؛ ومنه قول الشاعر
الأسود بن يعفر :
أتوني فلم أرض ما بيتوا وكانوا أتوني بأمر نكر لأنكح أيمهم منذرا
وهل ينكح العبد حر لحر
آخر
الأسود بن عامر الطائي بيت قولي عبد الملي ك قاتله الله عبدا كفورا
وبيت الرجل الأمر إذا دبر ليلا ؛ قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=108إذ يبيتون ما لا يرضى من القول . والعرب تقول : أمر بيت بليل إذا أحكم . وإنما خص الليل بذلك لأنه وقت يتفرغ فيه . قال الشاعر :
أجمعوا أمرهم بليل فلما أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء
ومن هذا بيت الصيام . والبيوت : الماء يبيت ليلا . والبيوت : الأمر يبيت عليه صاحبه مهتما به ؛ قال
الهذلي :
وأجعل فقرتها عدة إذا خفت بيوت أمر عضال
والتبييت والبيات أن يأتي العدو ليلا . وبات يفعل كذا إذا فعله ليلا ؛ كما يقال : ظل بالنهار . وبيت الشيء قدر . فإن قيل : فما وجه الحكمة في ابتدائه بذكر جملتهم ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=81بيت طائفة منهم ؟ قيل : إنما عبر عن حال من علم أنه بقي على كفره ونفاقه ، وصفح عمن علم أنه سيرجع عن ذلك . وقيل : إنما عبر عن حال من شهد وحار في أمره ، وأما من سمع وسكت فلم يذكره . والله أعلم .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=81والله يكتب ما يبيتون أي يثبته في صحائف أعمالهم ليجازيهم عليه . وقال
الزجاج : المعنى ينزله عليك في الكتاب . وفي هذه الآية دليل على أن
[ ص: 250 ] مجرد القول لا يفيد شيئا كما ذكرنا ؛ فإنهم قالوا : طاعة ، ولفظوا بها ولم يحقق الله طاعتهم ولا حكم لهم بصحتها ؛ لأنهم لم يعتقدوها . فثبت أنه لا يكون المطيع مطيعا إلا باعتقادها مع وجودها .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=81فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا أفلا يتدبرون القرآن قوله تعالى : فأعرض عنهم أي لا تخبر بأسمائهم ؛ عن
الضحاك ، يعني المنافقين . وقيل : لا تعاقبهم . ثم أمره بالتوكل عليه والثقة به في النصر على عدوه . ويقال : إن هذا منسوخ بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=73يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين ثم عاب المنافقين بالإعراض عن التدبر في القرآن والتفكر فيه وفي معانيه . تدبرت الشيء فكرت في عاقبته . وفي الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=832659لا تدابروا أي لا يولي بعضكم بعضا دبره . وأدبر القوم مضى أمرهم إلى آخره . والتدبير أن يدبر الإنسان أمره كأنه ينظر إلى ما تصير إليه عاقبته . ودلت هذه الآية وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=24أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها على وجوب
nindex.php?page=treesubj&link=18648التدبر في القرآن ليعرف معناه . فكان في هذا رد على فساد قول من قال : لا يؤخذ من تفسيره إلا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنع أن يتأول على ما يسوغه لسان العرب . وفيه دليل على
nindex.php?page=treesubj&link=22311الأمر بالنظر والاستدلال وإبطال التقليد ، وفيه دليل على
nindex.php?page=treesubj&link=21705_21709إثبات القياس .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=82ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا أي تفاوتا وتناقضا ؛ عن
ابن عباس وقتادة وابن زيد . ولا يدخل في هذا اختلاف ألفاظ القراءات وألفاظ الأمثال والدلالات ومقادير السور والآيات . وإنما أراد اختلاف التناقض والتفاوت . وقيل : المعنى لو كان ما تخبرون به من عند غير الله لاختلف . وقيل : إنه ليس من متكلم يتكلم كلاما كثيرا إلا وجد في كلامه اختلاف كثير ، إما في الوصف واللفظ ؛ وإما في جودة المعنى ، وإما في التناقض ، وإما في الكذب . فأنزل الله عز وجل القرآن وأمرهم بتدبره ؛ لأنهم لا يجدون فيه اختلافا في وصف ولا ردا له في معنى ، ولا تناقضا ولا كذبا فيما يخبرون به من الغيوب وما يسرون .