قوله تعالى: أيود أحدكم أن تكون له جنة وهي البستان. من نخيل وأعناب لأنه من أنفس ما يكون فيها. تجري من تحتها الأنهار لأن أنفسها ما كان ماؤها جاريا. وأصابه الكبر لأن الكبر قد ينسي من سعى الشباب في كسبه ، فكان أضعف أملا وأعظم حسرة. وله ذرية ضعفاء لأنه على الضعفاء أحن ، وإشفاقه عليهم أكثر. فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت وفي الإعصار قولان: أحدهما: أنه السموم الذي يقتل ، حكاه والثاني: الإعصار ريح تهب من الأرض إلى السماء كالعمود تسميها العامة الزوبعة ، قال الشاعر: السدي.
... ... ... إن كنت ريحا فقد لاقيت إعصارا
وإنما قيل لها إعصار لأنها تلتف كالتفاف الثوب المعصور. كذلك يبين الله لكم الآيات يحتمل وجهين: أحدهما: يوضح لكم الدلائل. والثاني: يضرب لكم الأمثال. لعلكم تتفكرون يحتمل وجهين: أحدهما: تعتبرون ، لأن المفكر معتبر. والثاني: تهتدون ، لأن الهداية التفكر. واختلفوا في هذا المثل الذي ضربه الله في الحسرة لسلب النعمة ، من المقصود به؟ على ثلاثة أقاويل: [ ص: 342 ]
أحدها: أنه مثل للمرائي في النفقة ينقطع عنه نفعها أحوج ما يكون إليها ، قاله . والثاني: هو مثل للمفرط في طاعة الله لملاذ الدنيا يحصل في الآخرة على الحسرة العظمى ، قاله السدي . والثالث: هو مثل للذي يختم عمله بفساد ، وهو قول مجاهد . ابن عباس