قوله تعالى: ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله يحتمل وجهين: أحدهما: في نصرة أهل دينه من المجاهدين. والثاني: في معونة أهل طاعته من المسلمين. وتثبيتا من أنفسهم فيه أربعة تأويلات: أحدها: تثبيتا من أنفسهم بقوة اليقين ، والنصرة في الدين ، وهو معنى قول ، الشعبي ، وابن زيد . [ ص: 340 ] والسدي
والثاني: يتثبتون أين يضعون صدقاتهم ، قاله ، الحسن والثالث: يعني احتسابا لأنفسهم عند الله ، قاله ومجاهد. ، ابن عباس والرابع: توطينا لأنفسهم على الثبوت على طاعة الله ، قاله بعض المتكلمين. وقتادة. كمثل جنة بربوة في الربوة قولان: أحدهما: هي الموضع المرتفع من الأرض ، وقيل: المستوي في ارتفاعه. والثاني: كل ما ارتفع عن مسيل الماء ، قاله اليزيدي. أصابها وابل في الوابل وجهان: أحدهما: المطر الشديد. والثاني: الكثير ، قال عدي بن زيد:
قليل لها مني وإن سخطت بأن أقول سقيت سقيت الوابل الغدقا
فآتت أكلها ضعفين وإنما خص الربوة لأن نبتها أحسن ، وريعها أكثر ، قال الأعشى:
ما روضة من رياض الحزن معشبة خضراء جاد عليها مسبل هطل
والأكل ، بالضم: الطعام لأن من شأنه أن يؤكل. ومعنى ضعفين: مثلين ، لأن ضعف الشيء مثله زائدا عليه ، وضعفاه: مثلاه زائدا عليه ، وقيل: ضعف الشيء مثلاه ، والأول قول الجمهور. فإن لم يصبها وابل فطل الطل: الندى ، وهو دون المطر ، والعرب تقول: الطل أحد المطرين ، وزرع الطل أضعف من زرع المطر وأقل ريعا ، وفيه - وإن قل - تماسك ونفع ، فأراد بهذا ضرب المثل أن كثير البر مثل زرع المطر كثير النفع ، وقليل البر مثل زرع الطل قليل النفع ، ولا تدع قليل البر إذا لم تفعل كثيره ، كما لا تدع زرع الطل إذا لم تقدر على زرع المطر.