ومن باب الإشارة في الآيات ما قيل وأنزل من السماء أي سماء القلب ماء هو ماء نظر الرحمة فأنبتنا به حدائق ذات بهجة من العلوم والمعاني والأسرار والحكم البالغة، ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أي أصولها لما أن العلوم الإلهية غير اختيارية بل كل علم ليس باختياري في نفسه وإلا لزم تقدم الشيء على نفسه نعم هو اختياري باعتبار الأسباب أمن جعل الأرض أي أرض النفس قرارا في الجسد وجعل خلالها أنهارا من [ ص: 41 ] دواعي البشرية وجعل لها رواسي من قوى البشرية والحواس وجعل بين البحرين بحر الروح وبحر النفس حاجزا وهو القلب أمن يجيب المضطر وهو المستعد لشيء من الأشياء إذا دعاه بلسان الاستعداد وطلب منه تعالى ما استعد له، وقال بعضهم: المضطر المستغرق في بحار شوقه تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة وهي النفس الناطقة والروح الإنساني من الأرض أي أرض البشرية وعلى هذا النمط تكلموا في سائر الآيات وساق الشيخ الأكبر قدس سره قوله تعالى: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب دليلا على ما يدعيه من تجدد الجواهر كالأعراض عند الأشعري وعدم بقائها زمانين، ومبنى ذلك عنده القول بوحدة الوجود وأنه سبحانه كل يوم هو في شأن، والكلام في صحة هذا المبنى واستلزامه للمدعى لا يخفى على العارف، وأما الاستدلال بهذه الآية لهذا المطلب فمن أمهات العجائب وأغرب الغرائب والله تعالى أعلم.