الظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعلة لم يظلم
وروي ذلك عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جعفر رضي الله تعالى عنهم، وقيل: المعنى لا تقتدوا بالمرائين والجاهلين وقرناء السوء، وقيل: لا تصحبوا الأشرار ولا تجالسوا أهل البدع وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل أمر بإقامة الصلاة المفروضة على ما علمت، وقد ذكروا أن الصلاة معراج المؤمن، وفي الأخبار [ ص: 169 ] ما يدل على علو شأنها والأمر غني عن البيان إن الحسنات يذهبن السيئات قال الواسطي: أنوار الطاعات تذهب بظلم المعاصي.وقال يحيى بن معاذ: إن الله سبحانه لم يرض للمؤمن بالذنب حتى ستر ولم يرض بالستر حتى غفر ولم يرض بالغفران حتى بدل فقال سبحانه: إن الحسنات يذهبن السيئات ، وقال تعالى: فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ذلك الذي ذكر من إقامة الصلاة في الأوقات المشار إليها وإذهاب الحسنات السيئات ذكرى للذاكرين تذكير لمن يذكر حاله عند الحضور مع الله تعالى في الصفاء والجمعية والأنس والذوق واصبر بالله سبحانه في الاستقامة ومع الله تعالى بالحضور في الصلاة وعدم الركون إلى الغير إن الله لا يضيع أجر المحسنين الذين يشاهدونه في حال القيام بالحقوق فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض فيه حض على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون قيل: القرى فيه إشارة إلى القلوب وأهلها إشارة إلى القوى ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة متساوية في الاستعداد متفقة على دين التوحيد ولا يزالون مختلفين في الوجهة والاستعداد إلا من رحم ربك بهدايته إلى التوحيد وتوفيقه للكمال فإنهم متفقون في المذهب والمقصد متوافقون في السيرة والطريقة قبلتهم الحق ودينهم التوحيد والمحبة وإن اختلفت عباراتهم كما قيل:
عباراتنا شتى وحسنك واحد وكل إلى ذاك الجمال يشير
انتهى ما وفقنا له من تفسير سورة هود بمن من بيده الكرم والجود، ونسأله سبحانه أن ييسر لنا إتمام ما قصدناه، ويوفقنا لفهم معاني كلامه على ما يحبه ويرضاه، والحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده، وعلى آله وصحبه وجنده وحزبه، ما غردت الأقلام في رياض التحرير، ووردت الأفهام من حياض التفسير.