فأما ; لأنها لم تختبر الرجال فتكون سريعة الانخداع فأما إذا كانت ثيبا فلها أن تنفرد بالسكنى ; لأنها قد اختبرت الرجال وعرفت كيدهم ومكرهم فليس للأب أن يضمها إلى نفسه بعد البلوغ ; لأن ولايته قد زالت بالبلوغ وإنما بقي حق الضم في البكر ; لأنها عرضة للفتنة وللانخداع وذلك غير موجود في حق الثيب والأصل فيه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { الجارية إذا كانت بكرا فللأب أن يضمها إلى نفسه بعد البلوغ } وقال : صلى الله عليه وسلم { ليس للولي مع الثيب أمر } يعني في التفرد بالسكنى ولكن هذا إذا كانت مأمونة على نفسها . وذكر في كتاب الطلاق أن الثيب أحق بنفسها من وليها لبقاء الخوف . وقد بينا أن الثيب إذا كانت مخوفة على نفسها لا يوثق بها فللأب أن يضمها إلى نفسه لكونها مخوفا عليها فإذا وجد ذلك في حق الثيب كان له أن يضمها إلى نفسه وأما البكر ، فإن لم يكن لها أب ولا جد وكان لها أخ ، أو عم فله أن يضمها إليه أيضا ; لأنه مشفق عليها فيقوم بحفظها ، وإن كانت لا تبلغ شفقته [ ص: 213 ] شفقة الأب بمنزلة ولاية التزويج يثبت للعم والأخ بعد الأب والجد ، فإن كان أخوها ، أو عمها مفسدا مخوفا لم يخل بينه وبينها ; لأن ضمها إليه لدفع الفتنة فإذا كان سببا للفتنة لم يكن له حق ضمها إليه بل يجعل هو كالمعدوم فتكون ولاية النظر بعد ذلك إلى القاضي ينظر امرأة من المسلمين ثقة فيضعها عندها وكما يثبت للقاضي ولاية النظر في مالها عند عجزها عن ذلك ، فكذلك في حق نفسها ، فإن كانت البكر قد دخلت في السن فاجتمع لها رأيها وعقلها وأخوها أو عمها مخوف عليها فلها أن تنزل حيث شاءت في مكان لا يخاف عليها ; لأن الضم كان لخوف الفتنة بسبب الانخداع وفرط الشبق وقد زال ذلك حين دخلت في السن واجتمع لها رأيها وعقلها ولاية الضم في البكر