( قال : ) وإن كانت أخذها المولى وعقرها والجواب في قيمة الولد على ما بينا ، وإن كان الذي غره غير الأمة [ ص: 120 ] بأن زوجها منه حر على أنها حرة ، فهذا وما تقدم سواء إلا أن الأب يرجع بقيمة الولد على المزوج في الحال ; لأن ضمان الغرور كضمان الكفالة ، والحر يؤاخذ بضمان الكفالة في الحال ، وإن كان الذي غره فيها عبدا أو مكاتبا فلا رجوع له عليهم حتى يعتقوا سواء كان العبد مأذونا أو لم يكن ; لأن المأذون إنما يؤاخذ بضمان التجارة في الحال لا بضمان الكفالة فيتأخر إلى عتقهم إلا أن يكون المولى أمر العبد أو المدبر بذلك فحينئذ يؤاخذ به في الحال ; لأن كفالة العبد بإذن المولى موجب للضمان عليه في الحال ، فأما المكاتب لا يؤاخذ به حتى يعتق سواء فعله بإذن المولى أو بغير إذنه ; لأن المولى ليس له حق التصرف في كسبه ، فلا يعتبر إذنه فيه ، وإن تزوجت بغير إذن المولى فالولد رقيق في قول كان المتزوج المغرور عبدا أو مدبرا أو مكاتبا بأن تزوج أحد من هؤلاء بإذن المولى امرأة على أنها حرة فولدت له ثم ظهر أنها أمة أبي حنيفة الآخر - رحمهما الله تعالى - ، نص على قول وأبي يوسف رحمه الله تعالى في كتاب الدعوى ، وفي قوله الأول وهو قول أبي يوسف رحمه الله تعالى الولد حر بقيمته على الأب إذا عتق ، ويرجع بذلك على الذي غره ، وجه قول محمد رحمه الله تعالى أن السبب الموجب للحرية الغرور ، واشتراط الحرية فيها عند النكاح ، وهذا يتحقق من الرقيق كما يتحقق من الحر ، وكما يحتاج الحر إلى حرية الولد فالمملوك محتاج إلى ذلك بل حاجته أظهر ; لأنه ربما يتطرق به إلى حرية نفسه ، توضيحه أنه لا معتبر برق الزوج وحريته في رق الولد بل المعتبر فيه جانب الأم . محمد
ألا ترى أن الحر إذا تزوج أمة وهو يعلم بحالها كان ولده رقيقا ، فإذا كان المعتبر رق الأم وقد سقط اعتبار رقها في حق الولد عند اشتراط الحرية إذا كان الزوج حرا فكذلك إذا كان الزوج عبدا ; لأن ما شرط من الحرية يجعل كالمتحقق في حرية الولد ، فأما أبو حنيفة - رحمهم الله تعالى - قالا : هذا الولد مخلوق من ماء رقيقين فيكون رقيقا ، وهذا لأن الولد متفرع من الأصل ، فإنما يتفرع بصفة الأصل ، وإذا كان الأصلان رقيقين لا تثبت الحرية للولد من غير عتق ، وأما إذا كان الزوج حرا فقد ثبت حرية الولد هناك باتفاق الصحابة رضي الله عنهم ، بخلاف القياس ، وهذا ليس في معنى ذاك ; لأن ماء الرجل هناك بصفته حر ، فإنه جزء منه ، وإنما يصير رقيقا باتصاله برحم الأمة فتأثير الغرور في المنع من ثبوت الرق في مائه بالاتصال برحم الأمة ، وهنا ماء العبد رقيق كنفسه ، فالحاجة إلى إثبات الحرية لمائه وما لا يصلح لإبقاء ما كان على ما كان لا يصلح لإيجاب ما لم يكن ، يوضحه أن [ ص: 121 ] الحاجة هناك إلى الترجيح عند التعارض ; لأن اعتبار جانب مائه يوجب حرية الولد ، واعتبار جانب مائها يوجب رق الولد فجعلنا الغرور دليلا مرجحا ، وهنا الحاجة إلى إثبات الحرية دون الترجيح ، وما يصلح مرجحا لا يصلح موجبا ، توضيحه أنه هناك ثبت حرية الولد بضمان قيمته على الأب في الحال فيندفع الضرر به عنه ، وهنا لو ثبت حرية الولد إنما تثبت بضمان قيمته بعد العتق فيتضرر به المستحق في الحال ، فإذا ثبت أن هذا ليس في معنى المنصوص وجب الرجوع فيه إلى الأصل فكان الولد رقيقا بمنزلة أمه ثم على قول وأبو يوسف رحمه الله تعالى إن كان التزوج من هؤلاء بإذن السيد فعليهم قيمة الولد والمهر في الحال ، وإن كان بغير إذن السيد فعليهم قيمة الولد والمهر بعد العتق ; لأن كل دين وجب على المملوك بسبب مأذون من جهة المولى يؤاخذ به في الحال ، وكل دين وجب عليه بسبب غير مأذون فيه ، فإنما يؤاخذ به بعد العتق . محمد