( قال : ) ، أما الأمة فلأن بضعها مملوك للمولى فهو إنما يعقد على ملك نفسه بتزويجها ، وله ولاية العقد على ملك نفسه بغير رضاها كما لو باعها ، والدليل عليه أن البدل يجب للمولى ، والنفقة تسقط عن المولى فهو فيما صنع عمل لنفسه ، وأما العبد فللمولى أن يزوجه من غير رضاه عندنا ، وليس له ذلك عند وللمولى أن يكره أمته أو عبده على النكاح رحمه الله تعالى ; لأن ما تناوله النكاح من العبد غير مملوك للمولى عليه فهو في تزويجه متصرف فيما لا يملكه ، فلا يستبد به ، وهذا لأن المولى فيما لا يملكه من عبده كأجنبي آخر . الشافعي
ألا ترى أنه لا يملك الإقرار عليه بالقصاص ; لأن دمه غير مملوك له ، ولا يملك أن يطلق امرأة العبد لأنها غير مملوكة للمولى ، فكذلك لا يملك تزويجه ; لأن محل هذا العقد غير مملوك له ، توضيحه أن تزويجه بغير رضاه لا يفيد مقصود النكاح ; لأن الطلاق بيد العبد فيطلقها من ساعته ، ولكنا نستدل بقوله تعالى { ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء } ، فإنما عقد المولى على شيء لا يقدر العبد عليه ، ولأنه مملوكه على الإطلاق فيملك نكاحه بغير رضاه كالأمة ، وهذا لأن في الأمة إنما يملك المولى العقد عليها لملكه رقبتها لا لملكه ما يملك بالنكاح ، فإن ولاية التزويج لا تستدعي ملك ما يملك بالنكاح ، ولا يثبت باعتباره .
ألا ترى أن الولي يزوج الصغيرة وهو لا يملك عليها ما يملك بالنكاح ، فثبت أن في حق الأمة إنما [ ص: 114 ] يملك تزويجها بملكه رقبتها لا بملكه عليها ما يملك بالنكاح ، وهذا موجود في جانب العبد بل أولى ; لأن في تزويج الأمة ينظر لنفسه ، وفي تزويج العبد إنما ينظر للعبد ، ولأن الإمهار أحد شطري العقد فيملكه المولى بملك الرقبة كتمليك البضع في جانب الأمة ، وما قال : إنه غير مملوك للمولى فاسد من الكلام ، فإن العبد لا يستبد بالنكاح بالاتفاق ، وما لا يملكه المولى من عبده ، فالعبد فيه مبقى على أصل الحرية يستبد به كالإقرار بالقصاص وإيقاع الطلاق على زوجته ، وهنا العبد لما كان لا يستبد به عرفنا أنه مملوك للمولى عليه ، وموجب النكاح الحل ، وذلك يحصل بالنكاح إلى أن يرتفع بالطلاق ، والظاهر أن حشمة المولى تمنعه من إيقاع الطلاق .