( قال ) : كما كان يفعله في غير الإحرام إلا أنه لا يلبس البرد المصبوغ بالعصفر أو الزعفران أو الورس فقد روى ولا بأس بأن يلبس الخز والبرود إذا لم يكن مخيطا رضي الله تعالى عنهما { ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس المزعفر والمورس في حالة الإحرام } ، وكذلك المصبوغ بالعصفر عندنا ، وعلى قول رحمه الله تعالى لا بأس به لما روي عن الشافعي رضي الله عنه أنه رأى على عثمان رضي الله عنه رداء معصفرا في إحرامه فأنكر عليه ذلك ، فقال عبد الله بن جعفر رضي الله عنه : ما أرى أحدا يعلمنا السنة ، ولأن العصفر ليس بطيب فهو قياس ثوب هروي ولا بأس للمحرم أن يلبسه ، ولكنا نستدل بحديث علي عائشة رضي الله عنها فإنها كرهت لبس المعصفر في الإحرام ، وكذلك رضي الله عنه أنكر على عمر بن الخطاب الرداء المعصفر حتى قال : لا تعجل يا أمير المؤمنين فإنه ممشق ، ولأن العصفر له رائحة ، وإن لم تكن زكية فكان بمنزلة الورس والزعفران ، وتأويل حديث طلحة عبد الله رضي الله عنه أنه كان قد غسل وصار بحيث لا ينفض قد عرف ذلك ، ولم يعرفه عبد الله بن جعفر رضي الله عنه أو كان ذلك مصبوغا بمدر على لون العصفر ، وقد عرف ذلك عثمان رضي الله عنه ، ولم يعرفه علي فلهذا قال ما قال فأما المصبوغ على لون الهروي هو أدمى اللون ليس له رائحة فكان قياس المعصفر إذا غسل حتى صار بحيث لا ينفض ، وقد بينا هناك أنه لا يلزمه شيء فهذا مثله ، ثم التقدير في إيجاب الدم عند لبس المصبوغ ، بنحو ما بينا في لبس القباء . عثمان
وكذلك لو فعليه دم ، وإن كان فيما دون ذلك فعليه صدقة كما بينا ، وإنما أراد بهذا إذا لبسه على الوجه المعتاد أما إذا لبس قميصا أو سراويل أو قلنسوة يوما إلى الليل فلا شيء عليه ; لأنه يحتاج إلى تكلف حفظه على نفسه عند اشتغاله بالعمل فلا يكون لابسا للمخيط . وأما في القلنسوة فلتغطية الرأس بها يلزمه الجزاء ، وقد بينا أن المحرم ممنوع عن تغطية الرأس ، وقد ذكر ائتزر بالسراويل أو ارتدى بالقميص أو اتشح به هشام عن - رحمهما الله تعالى - أنه إذا لم يجد الإزار ففتق السراويل إلا موضع التكة فلا بأس حينئذ بلبسه بمنزلة المئزر وهو نظير ما ورد به الأثر فيما لم يجد المحرم نعلين قطع خفيه [ ص: 127 ] أسفل من الكعبين ليصير في معنى النعلين وفسر محمد هشام عن - رحمهما الله تعالى - الكعب في هذا الموضع بالمفصل الذي في وسط القدم عند معقد الشراك ، وعلى هذا قال المتأخرون من مشايخنا : لا بأس للمحرم بأن يلبس المشك ; لأنه لا يستر الكعب فهو بمنزلة النعلين فإن لبس القميص والقلنسوة والقباء والسراويل يوما إلى الليل فعليه دم واحد ; لأن جنس الجناية واحد ، والمقصود واحد وهو الاستمتاع بلبس المخيط فعليه دم واحد كما لو حلق رأسه كله ، وكذلك إن غطى وجهه يوما فعليه دم ، وقد بينا فيما سبق أنه محمد عندنا خلافا ليس للمحرم أن يغطي وجهه ولا رأسه رحمه الله تعالى ، وقد ورد الأثر بالنهي عن للشافعي ; لأنه من الوجه فعرفنا أنه لا يغطي وجهه تغطية اللحية في الإحرام