723 - مسألة : قال : من أبو محمد ، كمائتي درهم أو أربعين مثقالا أو خمس من الإبل أو أربعين شاة أو خمسين بقرة ، أو أصاب خمسة أوسق من بر ، أو شعير ، أو تمر وهو لا يقوم ما معه بعولته لكثرة عياله أو لغلاء السعر - : فهو مسكين ، يعطى من الصدقة المفروضة ، وتؤخذ منه فيما وجبت فيه من ماله ؟ وقد ذكرنا أقوال من حد الغنى بقوت اليوم ، أو بأربعين درهما ، أو بخمسين درهما ، أو بمائتي درهم ؟ [ ص: 277 ] واحتج من رأى الغنى بقوت اليوم بحديث رويناه من طريق كان له مال مما يجب فيه الصدقة أبي كبشة السلولي عن سهل بن الحنظلية عن النبي صلى الله عليه وسلم : { } . وفي بعض طرقه : { من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من النار ، فقيل : وما حد الغنى يا رسول الله ؟ قال : شبع يوم وليلة } . إن يكن عند أهلك ما يغديهم أو ما يعشيهم
ومن طريق عن ابن لهيعة عن رجل عن يزيد بن أبي حبيب أبي كليب العامري عن أبي سلام الحبشي عن سهل بن الحنظلية عن النبي صلى الله عليه وسلم : { } . قال من سأل مسألة يتكثر بها عن غنى فقد استكثر من النار ، فقيل : ما الغنى ؟ قال : غداء أو عشاء : وهذا لا شيء ، لأن أبو محمد أبا كبشة السلولي مجهول ساقط . وابن لهيعة
واحتج من حد الغنى بأربعين درهما بما رويناه من طريق عن مالك عن زيد بن أسلم عن رجل من عطاء بن يسار بني أسد : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { } . ومن طريق من سأل منكم وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا عن هشام بن عمار عبد الرحمن بن أبي الرجال عن عن عمارة بن غزية عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { } . قال : " وكانت الأوقية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين درهما " . [ ص: 278 ] من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف
ومن طريق : أن امرأة أتت ميمون بن مهران تسأله من الصدقة . فقال لها : إن كانت لك أوقية فلا تحل لك الصدقة ، قال عمر بن الخطاب ميمون : والأوقية حينئذ أربعون درهما . قال : الأول عمن لم يسم ، ولا يدرى صحة صحبته ، والثاني عن أبو محمد وهو ضعيف . وقد كان يلزم المالكيين - المقلدين عمارة بن غزية رضي الله عنه في تحريم المنكوحة في العدة على ذلك الناكح في الأبد ، وقد رجع عمر عن ذلك ، وفي سائر ما يدعون أن خلافه فيه لا يحل كحد الخمر ثمانين ، وتأجيل العنين سنة - : أن يقلدوه هاهنا ، وكذلك الحنفيون ، ولكن لا يبالون بالتناقض واحتج من حد الغنى بخمسين درهما بخبر رويناه من طريق عمر عن سفيان الثوري حكيم بن جبير عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ابن مسعود } قال من سأل وله ما يغنيه جاءت خموشا أو كدوحا في وجهه يوم القيامة ، وقيل : يا رسول الله ، وما يغنيه . قال : خمسون درهما أو حسابها من الذهب سفيان : وسمعت زبيدا يحدث عن عن أبيه روينا من طريق محمد بن عبد الرحمن عن هشيم عمن حدثه ، وعن الحجاج بن أرطاة الحسن بن عطية ، وعن ، قال من حدثه : عن الحكم بن عتيبة إبراهيم النخعي عن . وقال ابن مسعود الحسن بن عطية : عن ، وقال سعد بن أبي وقاص الحكيم : عن ، قالوا كلهم ; لا تحل الصدقة لمن له خمسون درهما ، قال علي بن أبي طالب : أو عدلها من الذهب ؟ وهو قول علي بن أبي طالب - وبه يقول النخعي : سفيان الثوري . قال والحسن بن حي : أبو محمد حكيم بن جبير ساقط ، ولم يسنده زبيد ، ولا حجة في مرسل .
ولقد كان يلزم الحنفيين والمالكيين - القائلين بأن المرسل كالمسند والمعظمين خلاف الصاحب ، والمحتجين بشيخ من بني كنانة عن في رد السنة الثابتة من أن المتبايعين [ ص: 279 ] لا بيع بينهما حتى يفترقا - : أن لا يخرجوا عن هذين القولين ; لأنه لا يحفظ عن أحد من الصحابة في هذا الباب خلاف لما ذكر فيه عن عمر ، عمر ، وابن مسعود ، وسعد رضي الله عنهم ، مع ما فيه من المرسل . وعلي
وأما من حد الغنى بمائتي درهم ، وهو قول ، وهو أسقط الأقوال كلها لأنه لا حجة لهم إلا أن قالوا : إن الصدقة تؤخذ من الأغنياء وترد على الفقراء ، فهذا غني : فبطل أن يكون فقيرا . قال أبي حنيفة : ولا حجة لهم في هذه لوجوه . أولها : أنهم يقولون بالزكاة على من أصاب سنبلة فما فوقها ، أو من له خمس من الإبل ; أو أربعون شاة ، فمن أين وقع لهم أن يجعلوا حد الغنى مائتي درهم ، دون السنبلة ; أو دون خمس من الإبل ، أو دون أربعين شاة ، وكل ذلك تجب فيه الزكاة . وهذا هوس مفرط . وهكذا روينا عن أبو محمد قال : من لم يكن عنده مال تبلغ فيه الزكاة أخذ من الزكاة ؟ والثاني : أنهم يلزمهم أن من له الدور العظيمة ، والجوهر ولا يملك مائتي درهم أن يكون فقيرا يحل له أخذ الصدقة . والثالث : أنه ليس في قوله عليه السلام : { حماد بن أبي سليمان } دليل ولا نص بأن الزكاة لا تؤخذ إلا من غني ولا ترد إلا على فقير ، وإنما فيه أنها تؤخذ من الأغنياء وترد على الفقراء فقط ، وهذا حق ، وتؤخذ أيضا - بنصوص أخر - من المساكين الذين ليسوا أغنياء ، وترد بتلك النصوص على أغنياء كثير ، كالعاملين ; والغارمين ; والمؤلفة قلوبهم ، وابن السبيل وإن كان غنيا في بلده . تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم
فهذه خمس طبقات أغنياء ، لهم حق في الصدقة ؟ وقد بين الله تعالى ذلك في الصدقة في تفريقه بينهم إذ يقول : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها } إلى آخر الآية فذكر الله تعالى الفقراء والمساكين ثم أضاف إليهم من ليس فقيرا ، ولا مسكينا ؟ [ ص: 280 ] وتؤخذ الذين ليس لهم إلا خمس من الإبل ، وله عشرة من العيال ، وليس له إلا مائتا درهم ، وله عشرة من العيال ، وممن لم يصب إلا خمسة أوسق - لعلها لا تساوي خمسين درهما - وله عشرة من العيال في عام سنة . الصدقة من المساكين
فبطل تعلقهم بالخبر المذكور ، وظهر فساد هذا القول الذي لا يعلم أن أحدا من الصحابة رضي الله عنهم قاله .
وقد روينا من طريق عن ابن أبي شيبة عن حفص هو ابن غياث عن ابن جريج عمرو بن دينار قال : قال : إذا أعطيتم فأغنوا - يعني من الصدقة ، ولا نعلم لهذا القول خلافا من أحد من الصحابة . وروينا عن عمر بن الخطاب الحسن : أنه يعطى من الصدقة الواجبة من له الدار ، والخادم ، إذا كان محتاجا ؟ وعن نحو ذلك ؟ وعن إبراهيم : يعطى منها من له الفرس ، والدار ; والخادم ؟ وعن سعيد بن جبير مقاتل بن حبان : يعطى من له العطاء من الديوان وله فرس ؟ قال : ويعطى من الزكاة الكثير جدا والقليل ، لا حد في ذلك ، إذ لم يوجب الحد في ذلك قرآن ولا سنة ؟ أبو محمد