الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          221 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          ومن مسح في الحضر ثم سافر - قبل انقضاء اليوم والليلة أو بعد انقضائهما - مسح أيضا حتى يتم لمسحه في كل ما مسح في حضره وسفره معا ثلاثة أيام بلياليها .

                                                                                                                                                                                          ثم لا يحل له المسح ، فإن مسح في سفر ثم أقام أو دخل موضعه ابتدأ مسح يوم وليلة إن كان قد مسح في السفر يومين وليلتين فأقل ، ثم لا يحل له المسح ، فإن كان مسح في سفره أقل من ثلاثة أيام بلياليها وأكثر من يومين وليلتين مسح باقي اليوم الثالث وليلته فقط ، ثم لا يحل له المسح ، فإن كان قد أتم في السفر مسح ثلاثة أيام بلياليها خلع ولا بد ، ولا يحل له المسح حتى يغسل رجليه .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك ما قد ذكرناه من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبح المسح إلا ثلاثة أيام للمسافر بلياليها ويوما وليلة للمقيم ، فصح يقينا أنه لم يبح لأحد أن يمسح أكثر من ثلاثة أيام بلياليها ، لا مقيما ولا مسافرا ، وإنما نهى عن ابتداء المسح - لا عن الصلاة بالمسح المتقدم - فوجب ما قلنا ، فلو مسح في الحضر يوما وليلة ثم سافر ثم رجع قبل أن يتم يوما وليلة في السفر [ ص: 342 ] أو بعد أن أتمهما لم يجز له المسح أصلا ، لأنه لو مسح لكان قد مسح وهو في الحضر أكثر من يوم وليلة ، وهذا لا يحل ألبتة .

                                                                                                                                                                                          وقال أبو حنيفة وسفيان : من مسح وهو مقيم فإن كان لم يتم يوما وليلة حتى سافر مسح حتى يتم ثلاثة أيام بلياليها من حين أحدث وهو مقيم ، فإن كان قد أتم يوما وليلة في حضره ثم سافر لم يجز له المسح ، ولا بد له من غسل رجليه .

                                                                                                                                                                                          قال : فإن سافر فمسح يوما وليلة فأكثر ثم قدم أو أقام لم يجز له المسح حتى يغسل رجليه فلو مسح في سفره أقل من يوم وليلة ثم قدم أو أقام كان له أن يمسح تمام ذلك اليوم والليلة فقط ، وليس له أن يستأنف مسح يوم وليلة .

                                                                                                                                                                                          وقال الشافعي : من مسح في الحضر ثم سافر ، فإن كان قد أتم اليوم والليلة خلع ولا بد ، وإن كان لم يتم يوما وليلة مسح باقي ذلك اليوم فقط ثم يخلع .

                                                                                                                                                                                          وكذلك لو مسح في السفر ثم قدم سواء سواء ، إن كان مسح في سفره يوما وليلة وقدم أو أقام فإنه يخلع ولا بد ، وإن كان مسح أقل من يوم وليلة في سفره أتم باقي ذلك اليوم والليلة بالمسح فقط .

                                                                                                                                                                                          واختلف أصحابنا ، فقال بعضهم كما قلنا ، وقال بعضهم : إذا مسح في سفره أقل من ثلاثة أيام بلياليها ، أو ثلاثة أيام بلياليها لا أكثر وقدم استأنف مسح يوم وليلة فإن لم يزد على ذلك حتى سافر استأنف ثلاثة أيام بلياليها ، واحتج هؤلاء بظاهر لفظ الخبر في ذلك .

                                                                                                                                                                                          قال علي : وظاهر لفظه يوجب صحة قولنا ، لأن الناس قسمان : مقيم ومسافر ، ولم يبح عليه السلام للمسافر إلا ثلاثا ، ولا أباح للمقيم إلا بعض الثلاث فلم يبح لأحد - لا مقيم ولا مسافر - أكثر من ثلاث ، ومن خرج إلى سفر تقصر في مثله الصلاة مسح مسح مسافر ، ثلاثا بلياليهن ، ومن خرج دون ذلك مسح مسح مقيم ; لأن حكم هذا البروز حكم الحضر وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية