مفهوما العولمة وعولمة التربية العربية
يصعب -إن لم يكن مستحيلا- التوصل إلى تعريف جامع مانع للعولمة؛ لأسباب عديدة أبرزها: الحداثة النسبية للعولمة، مفهوما ومغزى، وتباين آراء ومواقف العلماء والمفكرين والباحثين والمهتمين بها، والتعريفات المهولة للعولمة، المغرضة تارة، والمضللة تارة ثانية -التي يقدمها منظرو العولمة الغربيين، ومن يسير في ركبهم- والمحايدة تارة ثالثة، والمعارضة لها تارة رابعة، والتعريفات التي حاولت التوفيق بين التعريفات القائمة، أو وقفت موقفا وسطا تارة خامسة، فضلا عن أن الأوساط الفكرية والبحثية تعرفها من زاوية تخصصها، وبمدى إطلاعها على خباياها وغاياتها النهائية، ثم إن كلا من أوساط المجتمعات التقليدية تفهمها من زوايا النتائج التي تحدثها في المجتمع، والفوائد التي تجنيها منها، والمخاطر التي تهدد وجودها.
وبجانب هذا وذاك تتنوع سياسات وأساليب القوى العالمية التي تقف خلفها، والأيادي التي تنسج خيوطها، والمبررات التي تطرحها، وتتعدد الجهات التي تستفيد منها، ومن ثم تروج لها وتدافع عنها؛ مما جعل مفهوم العولمة يشوبه الكثير من الغموض والهلامية في تحديده.
وعلى كل حال، ليس من مهمة هذه الدراسة الدخول في دوامة جدل التناقضات حول تعريفات العولمة، بقدر ما يحتاج الأمر إلى تقديم صورة تقريبية تحيط بمعناها، وتوضح دلالاتها العملية، وآليات فعلها، ونتائجها في الواقع، بما يكشف عن فهم أبعاد "عولمة التربية" في البلاد العربية. [ ص: 37 ]
يعنى بلفظ "عولمة" في اللغة الإنجليزية "Globe" كوكب الأرض؛ لأن لفظها حديث، ومصدره "Globalization" أي كوكبة، أو عولمة..الخ. أما في اللغة العربية فليس لها أصل. والعولمة بوصفها عملية تملك آلية فعلها ومجالات تطبيقها فهي ترجمة لكلمة "Globality" ويعنى بها لغويا تحويل العالم إلى شكل موحد [1] ، أو تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليشمل العالم [2] ، أو لتعميم المحلي أو الوطني ليصبح حالة عالمية [3] .
ولعله من المفيد النظر إلى المصطلحات التي تتداخل مع العولمة، بصورة أو بأخرى؛ لإزالة الالتباس بينها، حيث تختلف العولمة عن العالمية، والدولية، والنظام العالمي والعلمانية.
فالعولمة "Globalization"، والعالمية "internationalization" لفظان مشتقان من معنى الشمول والكلية والانتشار والعموم، وبالتالي فكلاهما مصطلح لمضمون واحد، وذلك بالنظر إلى الغايات التي يقصدانها. فالعولمة تسعى إلى الانتشار والكلية لتعميم نفسها على العالم، بوصفها نظاما يتجه نحو توحيد ودمج دول العالم ومجموع الإنسانية في منظومة عالمية واحدة أو حضارة عالمية واحدة هي الحضارة الغربية عموما، وأمركة حياة [ ص: 38 ] العالم خصوصا، أي ظهرت لتعبر عن إرادة لاحتواء العالم والهيمنة عليه، انطلاقا من مصالحها المادية، ونظرتها الفلسفية، سواء تم استخدام مصطلح العولمة، أو استخدام مصطلح النظام العالمي الجديد.
في حين أن هناك فرقا بين العولمة، والدولي أو الدولية، فهما يختلفان في المضمون والوسيلـة والهـدف، ذلك أن الدولية "universalism" تشير - عادة- إلى أنماط العلاقات والتفاعلات بين الدول القومية المختلفة، وتوسيع أطر التعاون الدولي، سياسيا واقتصاديا وتقنيا، بوصفه نظاما دوليا يعترف بالتنوع الثقافي، وانفتاح الثقافات والمجتمعات على الأخرى، باعتبارها ضرورة حياتية تيسر التفاعلات المتبادلة بين الثقافات للارتفاع بالخصوصيات الوطنية إلى مستوى عالمي، مع الاعتراف بالخصوصية واحترامها، دون أن يعني ذلك توحيدها، أو هيمنة طرف على آخر.
أما العلمانية فهي مشتقة من العالم "univ"، وليس من العلم "sciences"، أي نسبة إلى طبيعة الحياة ككل؛ والعلمانية رؤية معرفية وجودية قيمية للحياة، قائمة على حالة من الفهم للعالم، جاءت لتؤسس نموذجا معرفيا لتنظيم حياة المجتمع أو المجتمعات الإنسانية، وتوجيه أنماط حياتها.
ويستدل من المعنى اللغوي للعولمة -الوارد في اللغة الإنجليزية- المضمون الحقيقي لفحوى عملياتها، وما تقصد إحداثه في العالم كله؛ ذلك أن المعنى الاصطلاحي للعولمة يدور بصورة أو بأخرى حولها، سواء أكانت زاوية النظر لأحـد مظـاهرها أو أكثـر، أو أظهرت جوانبها الإيجابية وأخفت [ ص: 39 ] -عمدا- جوانبها السلبية، أو العكس، أو استندت إلى منطلقات فكرية وفروض نظرية، أو استندت إلى عمليات تطبيقية، سواء ركزت على آليات فعلها، أو المقاصد التي تسعى إليها، أو النتائج المتمخضة عنها.
ودونما حاجة للدخول في عرض تعريفات العولمة، والجدل الدائر حولها يمكن القـول: إن هناك اتفاقا كبيرا بين العلماء والمفكرين والباحثين العرب -على الأقل- على أن العولمة: ظاهرة كونية جديدة، ناتجة عن تطور النظام الرأسمالي للحضارة الغربية، أخذت تفرض نفسها على دول العالم، بوصفها عملية ختامية تقرر حقيقة دمج وتوحيد بلدان العالم الثالث -وفي مقدمتها البلاد العربية الإسلامية- بالنظام الرأسمالي العالمي الجديد باعتباره منظومة شاملة تتجاوز دائرة الاقتصاد إلى مجالات السياسة، والثقافة، والتربية، والفكر وأنماط السلوك الجديدة، وكل ذلك في إطار ثقافة موحدة يراد فرضها وتعميمها على الشعوب والمجتمعات التقليدية، وتسندها في ذلك أيديولوجية تعبر مباشرة عن إرادة للهيمنة على العالم أو أمركته؛ بقصد الوصول إلى حضارة عالمية واحدة.
والعولمة بذلك ظاهرة جديدة، أو عملية تملك مقومات فرضها وتعميمها على العالم، وتملك آليات فعلها وقوة تأثيرها في مختلف أوجه حياة المجتمعات المعاصرة، وخصوصا العربية منها، ويمكن ملاحظتها، وتقرير نتائج فعلها من خلال مؤشراتها الكمية والكيفية في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية، وذلك من خلال مرتكزاتها الفكرية ومدخلها النظري الحاكم [ ص: 40 ] لعملياتها، والمنظم لمسارات تحركها، كغاية توضح كيف تغدو التربية المعولمة أداة لإعادة إنتاج الأيديولوجية الرأسمالية المسيطرة.
وتستمد العولمة أسسها الفكرية أو الفلسفية من الحداثة؛ وفحوى رؤيتها للحياة الدنيوية هي: أن العالم الموضوعي هو الحقيقة الماثلة التي يتعامل معها الإنسان بعقله، أي أن ذاته تتكون من تفاعله مع العالم الموضوعي، ولاشيء سابق على الخبرة التي يمر بها والتي تمكنه من السيطرة على الطبيعة، وتحسين طرائق عيشه ومستوى حياته كغاية نهائية من وجوده.
وبهذا تنطلق الحداثة من أن محور وجود الفرد ونشاطه يتوقف على تأكيد فرديته الإنسانية وسعادته، وهذه أمور توجب إعطاء الفرد كل الفرص لإنماء قدرته وخبراته في جو تسوده الحرية؛ كي يصنع وجوده ويضبط سلوكه، ويقوم بواجباته كما يشاء دون التزام تجاه (الغير)؛ لأن الحداثة تقوم على أن يكون العقل الموضوعي -لا الذات المتعالية- المرجعية السليمة لفهم الأشياء والتصرفات والحكم عليها. وتتوقف صحتها وخطأها على مقدار المنافع التي يجنيها الإنسان، دون أحكام مسبقة، أي أن مرجعية عقل الإنسان مادية نفعية صرفة. وبناء على هذا التصور تتشكل شخصية الإنسان وتتحدد مكونات ثقافته دون التزام ديني واجتماعي وأخلاقي [4] .
وفي ضوء ما تقدم، فإن لحدوث العولمة -في أي مجتمع- مدخلا طبيعيا هو المدخل الثقافي التربوي، بمعنى الوعي الفردي والمجتمعي الذي يتشكل [ ص: 41 ] وينمو بفعل النظام الثقافي، بوصفه سببا ونتيجة، ذلك أنه "لا وجود للبنية الموضوعية العولمية خارج وعي الإنسان بها، وتأويله لمعانيها، واختياره للإمكانات التي يمكن أن يطورها فيها" [5] لاستمرار حياته، بمعنى أنه يمكن فهم العولمة من خلال ديناميكية عواملها الموضوعية، من جهة، ومن خلال ديناميكية عواملها الذاتية التي تحدد وعي الجماعات والمجتمعات، وسلوكهم إزاء عواملها الموضوعية التي تحدد الوجود الاجتماعي من جهة أخرى.
فإذا اتسمت العلاقة بين الموضوعية والذاتية بالتفاعل والتأثيرات المتبادلة؛ فإن الذات يسيطر على الموضوع ويتحكم فيه من دون إلغائه، في حين إذا جمد أو همش ذات الفرد والجماعات والمجتمعات وانعدم فعلها فيه؛ فإن الموضوع يسيطر على الذات [6] ، وبالتالي فإن الموضوع يعيد تشكيل الذات من خلال تكوين نظام ثقافي جديد يشكل الوعي.
وتوضيحا لما تقدم ذكره، فالعولمة في جانبها الموضوعي ثمرة التطورات العلمية والتقنية النابعة من فلسفة الحياة الغربية، ومن أيديولوجية التنافس بين الدول والشركات، التي جاءت العولمة لتعبر عن إرادة قوى النظام العالمي الجديد؛ لضمان هيمنتها من أجل تحقيق مصالحها؛ لذلك فالبنية العولمية التي تقررها هي ثمرة العوامل الذاتية الناتجة عن رؤيتها الفلسفية، ومن صراع المصالح بين الدول الرأسمالية الكبرى، ومن ثم فالعولمة ببعديها الموضوعي [ ص: 42 ] والذاتي تفرض نفسها على المجتمعات التقليدية؛ بقصد استلاب إرادة فعلها، ومقاومتها لها، خاصة وأن المجتمعات التقليدية ليست مندمجة في المنظومة الرأسمالية العالمية، وليست مؤهلة للمشاركة في إنتاج وسائلها وبرامجها وقيمها؛ حتى يمكن الحفاظ على عواملها الذاتية [7] .
ويصدق هذا التفسير على البلاد العربية، حيث يشير "برهان غليون" أنها في موقف هامشي شبه مطلق؛ لأنها سلبت إرادة الفعل، وليست أعضاء في المنظومة العالمية للعولمة، وغير مندمجة في المنظومة العلمية والتقنية للرأسمالية العالمية، كما أن استبعادها من دورة الإنتاج والاستهلاك العالمية يجعلها بعيدة عن صيرورة التطور الحضاري الراهن [8] ، لذلك فالعوامل الموضوعية للعولمة أكملت تشكيل بيئة ثقافية تجري فيها وتتحرك داخلها، وذلك باستبدال نظام الثقافة المكتوبة كأداة لإدراك العالم المحيط وتشكيل الوعي الفردي والمجتمعي بنظام ثقافة الصورة السمعية/ البصرية كأداة لبناء القيم والرموز وتشكيل الوعي والوجدان [9] .
صحيح أن العولمة تكون أكثر اكتمالا ووضوحا في المكونات المادية وبصورة أسرع من المكونات الفكرية للثقافة، ولكن ما كان للعولمة أن تتم وتنتشر في النواحي المادية ويتسع تأثيرها في كل مكونات المجتمع لولا [ ص: 43 ] حدوث تغيرات فكرية ووجدانية تمهد وتعزز التغيرات المادية؛ حتى يعاد إدماج التغيرات المادية، أو العناصر الثقافية المادية الجديدة في البناء الاجتماعي الثقافي القائم وتصبح جزءا منه، أو صورة ناتجة عنه.
وبمعنى آخر، فإن اعتماد بلد عربي على استهلاك سلع وخدمات العولمة، واعتماده المتزايد على تقنية المعلومات والاتصالات في تسيير شؤون حياته - والأخيرة تحمل مضامين تربوية وثقافية- فإن هذه الأمور تحدث تغيرات وتحولات في البناء الثقافي، أي في تغيير المفاهيم، وفي أنماط التفكير، وفي أنساق القيم والعادات ومعايير السلوك، وفي تبني أساليب الحياة الجديدة، التي ما تلبث أن تتعمق وتتوسع، كلما نشطت آلية العولمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ودونما حاجة للدخول في جدل تعريفات العولمة يمكن الاحتكام إلى تعريف عام للعولمة يوضح معناها، على الأقل من وجهة نظر كاتب هذه السطور، وذلك استنادا إلى الشرح السالف ذكره، حيث يعنى بمصطلح العولمة هنا:
"تعميم أنماط الحضارة الغربية، التي تمثلها الدول الرأسمالية الكبرى عموما، والولايات المتحدة خصوصا، في المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية والاجتماعية والإعلامية والإدارية في البلاد العربية، متخذة من التربية مدخلا أو استراتيجية لعولمة هذه المجالات؛ كون التربية أداة الثقافة لإعادة إنتاجها، من خلال السيطرة على الإدراك والوعي الفردي والمجتمعي؛ [ ص: 44 ] لفهم العالم والتعامل معه، وتشكيل الشخصية العربية العالمية المنتمية لمجتمع عالمي واحد".
وكما يبدو من العرض السابق فإن العولمة ما كان لها أن تتم وتتأسس قواعدها لولا حدوث تغير في وعي الأفراد والجماعات والمجتمع، وفي طريقة تفكيرهم ومعارفهم، وفي اتجاهاتـهم وأساليب حياتـهم، وهذه أمور تتصل أو تتوقف على ما تقوم به التربية من أدوار تحضير النشء والشباب وعمـوم الناس وإعـدادهم للانـخراط في تيار العولمة وتقبلهم لها. وهنا لا مندوحة إن ركزت العولمة جل اهتمامها على الأطفال والشباب في المقام الأول، واستهدفتهم بصورة خاصة لنشر "ثقافة العولمة"، وتجهيزهم للانضمام إلى المواطنة العالمية.
ويقصد بعولمة نظم التربية في البـلاد العربية: تعميم أنمـاط نظم تعليم أو نظم تربية الدول الغربية، وخصوصا الأمريكية، على البلاد العربية بشتى الأساليب والوسائل (الصريحة والضمنية، الطوعية والقهرية) لجعلها نسخا مكررة طبقا لما هو سائد في الدول الرأسمالية الكبرى، نهجا وأسلوبا، شكلا ومضمونا ونتائج؛ كي تصبح آلية لتأسيس قواعد العولمة ونشرها، وحتى تعيد إنتاج النظام الرأسمالي العالمي الجديد في البلاد العربية، وتشكيل شخصية المواطن العالمي المنتمي إلى المجتمع العالمي الجديد.
ويقصد هنا بنظم التربية العربية: نظم التربية المدرسية والتربية اللامدرسية، حيث تتمثل الأولى: في نظم التعليم النظامية وغير النظامية، التي [ ص: 45 ] نشأت وتطورت في عهود السيطرة الاستعمارية على غرار أنماط التعليم الغربية شكلا ومحتوى، ومارست أدوارها لنشر فكر الحداثة، وصارت تملك البنية لنشر فكر ما بعد الحداثة أو العولمة، على أساس أنها صارت تحاكي أنماط التعليم الغربية وتسير في ظلها، وتأخذ منها محتوى عملياتها وأساليبها ووسائلها، للحصول على مخرجات تواكب التحولات الاقتصادية والسياسية والثقافية، التي شكلتها العولمة في هذا المجتمع العربي أو ذاك من جهة، وتواكب احتياجات المراكز الرأسمالية وعمليات انتشارها من جهة ثانية.
أما التربية اللامدرسية المتمثلة في المؤسسات التربوية، أو البيئات التربوية التي نشأت في المجتمع، فهي الأوساط التربوية التي تدعم نظم التربية المدرسية، وتغطي الأدوار الخاصة بها، والتي تشترك معها في تربية الأطفال والشباب، ومن بينها: تقنيات الاتصالات والإعلام والمعلوماتية والتي أصبحت تتصدر المؤسسات التربوية التقليدية المعروفة كالأسرة، وجماعة الأقران، والمسجد، والمنظمات المهنية والسياسية..الخ.
وبما أن التربية اللامدرسية تتخذ محتوى عملياتها الجديدة مما يحدث من متغيرات اقتصـادية وثقافية وسياسية - هي نفسها نتاج للعولمة - فإن الأدوار الجديدة للتربية اللامدرسية أصبحت أقوى من أدوارها التقليدية في نشر ثقافة العولمة.
وفي هذا السياق، إذا استخدمت ألفاظ التعليم، ونظام التعليم، ومؤسسات التعليم فالمقصود بها الشكل الظاهري، أو العمليات المنظورة التي [ ص: 46 ] تؤدي إلى حصول التربية المدرسية، على أساس أن نظم التعليم أو مؤسساته تقوم بالتعليم ليس بهدف التعليم بحد ذاته، وإنما بهدف التربية، بوصفها الغاية النهائية، التي وجدت من أجلها هذه المؤسسات التعليمية. وهي عندما تقوم بالتعليم إنما باعتبارها وظائف تؤدي إلى تحقيق الأهداف التربوية، بمعنى أنها تقوم بالتعليم؛ كي يتعلم الناشئ.. وباستمرار تعلمه؛ فأنه يتربى، أي تنمو معارفه ومهاراته واتجاهاته وفقا لاستعداداته وقدراته، وما يريد أن يكون.
وهنا، فالتربية - كغاية نهائية للمؤسسة التعليمية - لا تشاهد؛ لأنها عملية داخلية تتم لدى الفرد، بعد مروره بخبرات التعليم، وحدوث عملية التعلم لديه. وبذلك فالتربية هي ناتج عمليتي التعليم والتعلم.
وكون التربية وسيلة إعادة إنتاج الثقافة من خلال أبناء المجتمع، ولاسيما الجدد، وهي أداة تشكيل شخصياتهم لإدماجهم في ثقافة مجتمعهم؛ فإن العولمة: تركز جل اهتمامها على التربية لتشكيل شخصيات النشء والشباب؛ كونهم يشكلون القطـاع الكبير من سكان المجتمعات العربية، ولم يتحصنوا بعد بالثقافة الوطنية، وبالتالي يسهل استلاب فكرهم وتشكيل وعيهم في ظل العولمة؛ لذلك تسارع الخطى نحوهم لاختراق الثقافات الوطنية، وإعداد مستهلكي المستقبل. [ ص: 47 ]