بديل الأم.. مرضعة أخرى
باستقراء آيات القرآن الكريم، نجد أنها تشير إلى الأم عند ورود موضوع الرضاعة ، وإلى الارتباط الكبير بين الأم، ومن أرضعته، وأن الرضاعة ليست مجرد إطعام الطفل، أو تغذيته، خلال فترة معينة من عمره، إنما الرضاعة ارتباط قوي بين المرضـعة ومن أرضعته، وأنـها إن لم تكن أمه الحقيقية فإنها تعتبر كأمه، تحرم عليه هـي وأصـولها وفروعها؛ لأنه يحرم من الرضـاع، ما يحرم من النسب لقول الرسـول صلى الله عليه وسلم : ( ..إن الرضاعة تحرم ما يحرم من الولادة ) (أخرجه البخاري ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : [ ص: 53 ] ( يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة ) (أخرجه مسلم ) .
فالحمل هـو الفترة التي أتم خلالها الله تعالى خلق الطفل، وفترة الرضاعة ، هـي المدة التي لا يستطيع الطفل خلالها أن يعتمد على نفسه في المأكل، ولا يناسبه إلا اللبن الذي خلقه الله له ليشتد عوده وينمو جسمه. ولئن امتنعت الأم عن إرضاع الولد، لكونها أجنبية عن أبيه، أو لعدم دفع أجرة الرضاعة لها عند طلبها، أو لغير ذلك من الأسباب، فقد ذكر القرآن، البديل عندئذ، وهو أن ترضعه امرأة أخرى،
وذلك في قوله تعالى: ( فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ) (الطلاق:6) .
فالآية الكريمة، تضمنت النص على البديل لإرضاع الطفل، عند إرضاع الأم له، وهو توجـيه وإشـارة إلى ما ينبغي عمله، لكل من يتدبر القرآن، ويتفكر فيما يحتويه من معان جليلة ومفيدة.
فالعلم يؤكد كل يوم أنه لا بديل للطفل أفضل من اللبن الذي خلقه الله له، لما يتضمنه من عناصر تحقق له النمو الجسمي الأمثل، فضلا عن الراحة والاستقرار النفسي، التي يشعر بهما الطفل عند إرضاعه، علاوة على الطعم اللذيذ، ودرجة الحرارة المناسبة. [ ص: 54 ]