( 5636 ) فصل : فإن منعت نفسها حتى تتسلم صداقها ، وكان حالا ، فلها ذلك . قال وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن ابن المنذر للمرأة أن تمتنع من دخول الزوج عليها ، حتى يعطيها مهرها . أجبر الزوج على تسليم الصداق أولا ، ثم تجبر هي على تسليم نفسها . ومذهب وإن قال الزوج : لا أسلم إليها الصداق حتى أتسلمها . في هذا على نحو مذهبه في البيع . الشافعي
ولنا ، أن في إجبارها على تسليم نفسها أولا خطر إتلاف البضع ، والامتناع من بذل الصداق ، ولا يمكن الرجوع في البضع ، بخلاف المبيع الذي يجبر على تسليمه قبل تسليمه ثمنه . فإذا تقرر هذا ، فلها النفقة ما امتنعت لذلك ، وإن كان معسرا بالصداق ; لأن امتناعها بحق . وإن كان الصداق مؤجلا ، فليس لها منع نفسها قبل قبضه ; لأن رضاها بتأجيله رضى بتسليم نفسها قبل قبضه ، كالثمن المؤجل في البيع .
فإن حل المؤجل قبل تسليم نفسها ، لم يكن لها منع نفسها أيضا ; لأن التسليم قد وجب عليها ، واستقر قبل قبضه ، فلم يكن لها أن تمتنع منه . وإن كان بعضه حالا وبعضه مؤجلا ، فلها منع نفسها قبل قبض العاجل دون الآجل . وإن كان الكل حالا ، [ ص: 201 ] فلها منع نفسها على ما ذكرنا . فإن فقد توقف سلمت نفسها قبل قبضه ، ثم أرادت منع نفسها حتى تقبضه ، عن الجواب فيها . وذهب أحمد أبو عبد الله ابن بطة وأبو إسحاق بن شاقلا إلى أنها ليس لها ذلك . وهو قول ، مالك ، والشافعي ، وأبي يوسف ; لأن التسليم استقر به العوض برضى المسلم ، فلم يكن لها أن تمتنع منه بعد ذلك ، كما لو سلم البائع المبيع . ومحمد
وذهب أبو عبد الله بن حامد ، إلى أن لها ذلك . وهو مذهب ; لأنه تسليم يوجبه عليها عقد النكاح فملكت أن تمتنع منه قبل قبض صداقها ، كالأول . فأما إن أبي حنيفة لم يسقط به حقها من الامتناع ; لأنه حصل بغير رضاها ، كالمبيع إذا أخذه المشتري من البائع كرها وإن أخذت الصداق ، فوجدته معيبا ، فلها منع نفسها حتى يبدله ، أو يعطيها أرشه ; لأن صداقها صحيح . وإن لم تعلم عيبه حتى سلمت نفسها ، خرج على الوجهين فيما إذا سلمت نفسها قبل قبض صداقها ثم بدا لها أن تمتنع . وطئها مكرهة ،
وكل موضع قلنا : لها الامتناع من تسليم نفسها . فلها السفر بغير إذن الزوج ; لأنه لم يثبت للزوج عليها حق الحبس ، فصارت كمن لا زوج لها . ولو بقى منه درهم ، كان كبقاء جميعه ; لأن كل من ثبت له الحبس بجميع البدل ، ثبت له الحبس ببعضه ، كسائر الديون .