( 4436 ) فصل : ; لأن وينظر في الوقف من شرطه الواقف رضي الله عنه جعل وقفه إلى عمر حفصة تليه ما عاشت ، ثم إلى ذوي الرأي من أهلها . ولأن مصرف الوقف يتبع فيه شرط الواقف ، فكذلك الناظر فيه . فإن جعل النظر لنفسه جاز ، وإن جعله إلى غيره فهو له ، فإن لم يجعله لأحد ، أو جعله لإنسان فمات نظر فيه الموقوف عليه ; لأنه ملكه ونفعه له ، فكان نظره إليه كملكه المطلق
ويحتمل أن ينظر فيه الحاكم . اختاره ابن أبي موسى . ويحتمل أن يكون الوجهان مبنيين على أن الملك هل ينتقل فيه إلى الموقوف عليه ، أو إلى الله تعالى ؟ فإن قلنا : هو للموقوف عليه . فالنظر فيه إليه ; لأنه ملكه ، عينه ونفعه . وإن قلنا : هو لله . فالحاكم ينوب فيه ، ويصرفه إلى مصارفه ; لأنه مال الله ، فكان النظر فيه إلى حاكم المسلمين ، كالوقف على المساكين
وأما الوقف على المساكين والمساجد ونحوها ، أو على من لا يمكن حصرهم واستيعابهم ، فالنظر فيه إلى الحاكم ; لأنه ليس له مالك متعين ينظر فيه . وله أن يستنيب فيه ; لأن الحاكم لا يمكنه تولي النظر بنفسه . ومتى كان النظر للموقوف عليه ، إما بجعل الواقف ذلك له ، أو لكونه أحق بذلك عند عدم ناظر سواه ، وكان واحدا مكلفا رشيدا ، فهو أحق بذلك ، رجلا كان أو امرأة ، عدلا كان أو فاسقا ; لأنه ينظر لنفسه ، فكان له ذلك في هذه الأحوال ، كالطلق
ويحتمل أن يضم إلى الفاسق أمين ، حفظا لأصل الوقف عن البيع أو التضييع . وإن كان الوقف لجماعة رشيدين ، فالنظر للجميع ، لكل إنسان في نصيبه . وإن كان الموقوف عليه غير رشيد ، إما لصغر ، أو سفه ، أو جنون ، قام وليه في النظر مقامه ، كما يقوم مقامه في ماله المطلق . وإن كان [ ص: 378 ] النظر لغير الموقوف عليه ، أو لبعض الموقوف عليه ، بتولية الواقف أو الحاكم
لم يجز أن يكون إلا أمينا ، فإن لم يكن أمينا ، وكانت توليته من الحاكم ، لم تصح . وأزيلت يده . وإن ولاه الواقف وهو فاسق ، أو ولاه وهو عدل وصار فاسقا ، ضم إليه أمين ينحفظ به الوقف ، ولم تزل يده ; ولأنه أمكن الجمع بين الحقين . ويحتمل أن لا تصح توليته ، وأنه ينعزل إذا فسق في أثناء ولايته ; لأنها ولاية على حق غيره ، فنافاها الفسق ، كما لو ولاه الحاكم ، وكما لو لم يمكن حفظ الوقف منه مع بقاء ولايته على حق غيره ، فإنه متى لم يمكن حفظه منه أزيلت ولايته ، فإن مراعاة حفظ الوقف أهم من إبقاء ولاية الفاسق عليه .