[ ص: 3 ] كتاب الشركة الشركة : هي الاجتماع في استحقاق أو تصرف .
وهي ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع ; أما الكتاب فقول الله تعالى : { فهم شركاء في الثلث } . وقال الله تعالى : { وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم } . والخلطاء . هم الشركاء .
ومن السنة ، ما روي { البراء بن عازب كانا شريكين ، فاشتريا فضة بنقد ونسيئة ، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهما أن ما كان بنقد فأجيزوه ، وما كان نسيئة فردوه . وزيد بن أرقم } وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { أن } . رواه : يقول الله : أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه ، فإذا خان أحدهما صاحبه ، خرجت من بينهما أبو داود . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم { } . وأجمع المسلمون على ، أنه قال : يد الله على الشريكين ما لم يتخاونا في الجملة ، وإنما اختلفوا في أنواع منها نبينها إن شاء الله تعالى . والشركة على ضربين : شركة أملاك ، وشركة عقود . وهذا الباب لشركة العقود . وهي أنواع خمسة ; شركة العنان ، والأبدان ، والوجوه ، والمضاربة ، والمفاوضة . ولا يصح شيء منها إلا من جائز التصرف ; لأنه عقد على التصرف في المال فلم يصح من غير جائز التصرف في المال ، كالبيع . جواز الشركة
( 3614 ) فصل قال أحمد ، ولكن لا يخلو اليهودي والنصراني بالمال دونه ويكون هو الذي يليه ; لأنه يعمل بالربا . وبهذا قال : يشارك اليهودي والنصراني الحسن وكره والثوري مشاركتهم مطلقا ; لأنه روي عن الشافعي ، أنه قال : أكره أن يشارك المسلم اليهودي . عبد الله بن عباس
ولا يعرف له مخالف في الصحابة ، ولأن مال اليهودي والنصراني ليس بطيب ، فإنهم يبيعون الخمر ، ويتعاملون بالربا ، فكرهت معاملتهم . ولنا ، ما روى بإسناده ، عن الخلال قال { عطاء } . ولأن العلة في كراهة ما خلوا به ، معاملتهم بالربا ، وبيع الخمر والخنزير ، وهذا منتف فيما حضره المسلم أو وليه . : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مشاركة اليهودي والنصراني ، إلا أن يكون الشراء والبيع بيد المسلم
وقول محمول على هذا ، فإنه علل بكونهم يربون . كذلك رواه ابن عباس ، عن الأثرم عن أبي حمزة ، أنه قال : لا تشاركن يهوديا ولا نصرانيا ولا مجوسيا ; لأنهم يربون ، وأن الربا لا يحل . وهو قول واحد من الصحابة لم يثبت انتشاره بينهم ، وهم لا يحتجون به . وقولهم : إن أموالهم غير طيبة . ابن عباس
لا يصح ; فإن { } ، وما باعوه من الخمر والخنزير قبل مشاركة المسلم ، فثمنه حلال ، لاعتقادهم حله ، ولهذا قال النبي ، قد عاملهم ، ورهن درعه عند يهودي على شعير أخذه لأهله ، وأرسل إلى آخر يطلب منه ثوبين إلى الميسرة ، وأضافه صلى الله عليه وسلم يهودي بخبز وإهالة سنخة . ولا يأكل النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس بطيب رضي الله عنه : [ ص: 4 ] ولوهم بيعها وخذوا أثمانها . عمر بن الخطاب
فأما ما يشتريه أو يبيعه من الخمر بمال الشركة أو المضاربة ، فإنه يقع فاسدا ، وعليه الضمان ; لأن عقد الوكيل يقع للموكل ، والمسلم لا يثبت ملكه على الخمر والخنزير ، فأشبه ما لو اشترى به ميتة ، أو عامل بالربا ، وما خفي أمره فلم يعلم ، فالأصل إباحته وحله ، فأما المجوسي ، فإن كره مشاركته ومعاملته ، قال : ما أحب مخالطته ومعاملته ; لأنه يستحل ما لا يستحل هذا . قال أحمد : قال عمي : لا تشاركه ولا تضاربه . حنبل
وهذا والله أعلم على سبيل الاستحباب ، لترك معاملته والكراهة لمشاركته ، وإن فعل صح ; لأن تصرفه صحيح .