[ ص: 344 ] باب الضمان ( 3570 ) مسألة ; قال : ( ومن ضمن عنه حق بعد وجوبه ، أو قال : ما أعطيته فهو علي . فقد لزمه ما صح أنه أعطاه ) . الضمان : ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق . فيثبت في ذمتهما جميعا ، ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما ، واشتقاقه من الضم . وقال : هو مشتق من التضمين ; لأن ذمة الضامن تتضمن الحق . القاضي
والأصل في جوازه ، الكتاب والسنة والإجماع ، أما الكتاب فقول الله تعالى : { ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم } . وقال : الزعيم الكفيل . وأما السنة فما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { ابن عباس } رواه الزعيم غارم أبو داود ، والترمذي . وقال : حديث حسن ، وروى ، عن البخاري ، { سلمة بن الأكوع ، فقال : هما علي يا رسول الله ، فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم أبو قتادة } . وأجمع المسلمون على أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل ليصلي عليه ، فقال : هل عليه دين ؟ قالوا : نعم ، ديناران . قال : هل ترك لهما وفاء ؟ قالوا : لا ، فتأخر ، فقيل : لم لا تصل عليه ؟ : فقال : ما تنفعه صلاتي وذمته مرهونة ؟ ألا إن قام أحدكم فضمنه . فقام في الجملة . جواز الضمان
وإنما اختلفوا في فروع نذكرها إن شاء الله تعالى . إذا ثبت هذا ، فإنه يقال : ضمين ، وكفيل ، وقبيل ، وحميل ، وزعيم ، وصبير ، بمعني واحد . ولا بد في الضمان من ضامن ، ومضمون عنه ، ومضمون له . ولا بد من رضى الضامن ، فإن أكره على الضمان لم يصح ، ولا يعتبر رضى المضمون عنه . لا نعلم فيه خلافا . لأنه لو قضي الدين عنه بغير إذنه ورضاه صح ، فكذلك إذا ضمن عنه . ولا يعتبر رضى المضمون له .
وقال أبو حنيفة : يعتبر ; لأنه إثبات مال لآدمي ، فلم يثبت إلا برضاه أو رضى من ينوب عنه ، كالبيع والشراء . وعن أصحاب ومحمد كالمذهبين . ولنا ، أن الشافعي ضمن من غير رضى المضمون عنه ، فأجازه النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك روي عن أبا قتادة رضي الله عنه ولأنهما وثيقة لا يعتبر فيها قبض ، فأشبهت الشهادة ، ولأنه ضمان دين ، فأشبه ضمان بعض الورثة دين الميت للغائب ، وقد سلموه . علي .
( 3571 ) فصل : ولا يعتبر أن يعرفهما الضامن . وقال : يعتبر معرفتهما ، ليعلم هل المضمون عنه أهل لاصطناع المعروف إليه أولا ؟ وليعرف المضمون له ، فيؤدي إليه . وذكر وجها آخر ، أنه تعتبر معرفة المضمون له لذلك . ولا تعتبر معرفة المضمون عنه ; لأنه لا معاملة بينه وبينه . ولأصحاب القاضي ثلاثة أوجه نحو هذه . ولنا ، حديث الشافعي علي ، فإنهما ضمنا لمن لم يعرفاه عمن لم يعرفاه . ولأنه تبرع بالتزام مال ، فلم يعتبر معرفة من يتبرع له به ، كالنذر . وأبي قتادة