( 3322 ) فصل : وإذا فلا ضمان عليه ; لأنه أمين ، فهو كالوكيل . ولا نعلم في هذا خلافا . ويكون من ضمان الراهن . باع العدل الرهن بإذنهما ، وقبض الثمن ، فتلف في يده من غير تعد ،
وبهذا قال وقال الشافعي أبو حنيفة من ضمان المرتهن ; لأن البيع لأجله . ولنا ، أنه وكيل الراهن في البيع ، والثمن ملكه ، وهو أمين له في قبضه ، فإذا تلف ، كان من ضمان موكله ، كسائر الأمناء . وإن ادعى التلف ، فالقول قوله مع يمينه ; لأنه أمين ، ويتعذر عليه إقامة البينة على ذلك ، وإن [ ص: 233 ] كلفناه البينة ، شق عليه ، وربما أدى إلى أن لا يدخل الناس في الأمانات ومالك
فإن خالفاه في قبض الثمن ، فقالا : ما قبضه من المشتري . وادعى ذلك ، ففيه وجهان : أحدهما ، القول قوله ، لأنه أمين . والآخر : لا يقبل ; لأن هذا إبراء للمشتري من الثمن ، فلا يقبل قوله فيه ، كما لو أبرأه من غير الثمن . وإن خرج المبيع مستحقا ، فالعهدة على الراهن دون العدل ، إذا كان قد أعلم المشتري أنه وكيل . وكذلك كل وكيل باع مال غيره . وهذا مذهب وقال الشافعي العهدة على الوكيل . والكلام معه في الوكالة أبو حنيفة
فإن علم المشتري بعد تلف الثمن في يد العدل ، رجع على الراهن ، ولا شيء على العدل . فإن قيل : فلم لا يرجع المشتري على العدل ، لأنه قبض الثمن بغير حق ؟ قلنا : لأنه سلمه إليه على أنه أمين في قبضه ، يسلمه إلى المرتهن . فلذلك لم يجب الضمان عليه ، فأما المرتهن ، فقد بان له أن عقد الرهن كان فاسدا ، فإن كان مشروطا في بيع ، ثبت له الخيار فيه ، وإلا سقط حقه ، فإن كان الراهن مفلسا ، حيا أو ميتا ، كان المرتهن والمشتري أسوة الغرماء ; لأنهم متساوون في ثبوت حقهم في الذمة ، فاستووا في قسمة ماله بينهم
فأما إن خرج مستحقا بعد ما دفع الثمن إلى المرتهن ، رجع المشتري على المرتهن . وبهذا قال وقال الشافعي يرجع على العدل ، ويرجع العدل على أيهما شاء من الراهن والمرتهن . ولنا ، أن عين ماله صار إلى المرتهن بغير حق ، فكان رجوعه عليه كما لو قبضه منه ، فأما إن كان المشتري رده بعيب ، لم يرجع على المرتهن ; لأنه قبض الثمن بحق ، ولا على العدل ; لأنه أمين ووكيل ، ويرجع على الراهن أبو حنيفة
وإن كان العدل حين باعه لم يعلم المشتري أنه وكيل ، كان للمشتري الرجوع عليه ، ويرجع هو على الراهن ، إن أقر بذلك ، أو قامت به بينة ، وإن أنكر ذلك ، فالقول قول العدل مع يمينه ، فإن نكل عن اليمين ، فقضي عليه بالنكول ، أو ردت اليمين على المشتري ، فحلف ، ورجع على العدل ، لم يرجع العدل على الراهن ; لأنه يقر أنه ظلمه
وعلى قول القول في حدوث العيب قول المشتري مع يمينه . وهو إحدى الروايتين عن الخرقي فإذا حلف المشتري ، رجع على العدل ، ورجع العدل على الراهن . وإن تلف العبد المبيع في يد المشتري ، ثم بان مستحقا قبل وزن ثمنه ، فللمغصوب منه تضمين من شاء من الغاصب والعدل والمرتهن ، ويستقر الضمان على المشتري ; لأن التلف في يده ، هذا إذا علم بالغصب ، وإن لم يكن عالما ، فهل يستقر الضمان عليه ، أو على الغاصب ؟ على روايتين . أحمد