[ ص: 71 ] فصل في ينبغي لكل واحد منهما أن لا يخل بوظيفته لعروض مرض خفيف ونحوه ، مما يمكن معه الاشتغال ، ويستشفي بالعلم ، ولا يسأل أحدا تعنتا وتعجيزا ، فالسائل تعنتا وتعجيزا لا يستحق جوابا ، وفي حديث النهي عن غلوطات المسائل . وأن يعتني بتحصيل الكتب شراء واستعارة ، ولا يشتغل بنسخها إن حصلت بالشراء ; لأن الاشتغال أهم إلا أن يتعذر الشراء ; لعدم الثمن ; أو لعدم الكتاب مع نفاسته فيستنسخه وإلا فلينسخه ولا يهتم بتحسين الخط بل بتصحيحه ، ولا يرتضي الاستعارة ، مع إمكان تحصيله ملكا فإن استعاره لم يبطئ به ; لئلا يفوت الانتفاع به على صاحبه ; ولئلا يكسل عن تحصيل الفائدة منه ، ولئلا يمتنع عن إعارته غيره . وقد جاء في ذم الإبطاء برد الكتب المستعارة عن السلف أشياء كثيرة نثرا ونظما ، ورويناها في كتاب آداب يشترك فيها العالم والمتعلم ( الجامع لأخلاق الراوي والسامع ) منها عن الخطيب الزهري : إياك وغلول الكتب وهو حبسها عن أصحابها ، وعن : ليس من أفعال أهل الورع ولا من أفعال الحكماء أن يأخذ سماع رجل وكتابه ، فيحبسه عنه ، ومن فعل ذلك فقد ظلم نفسه . وقال الفضيل : وبسبب حبسها امتنع غير واحد من إعارتها ، ثم روى ذلك جملا عن السلف وأنشد فيه أشياء كثيرة . والمختار استحباب الإعارة لمن لا ضرر عليه في ذلك ; لأنه إعانة على العلم مع ما في مطلق العارية من الفضل ، وروينا عن الخطيب : أول بركة الحديث إعارة الكتب . وعن وكيع من بخل بالعلم ابتلي بإحدى ثلاث : أن ينساه ، أو يموت ولا ينتفع به ، أو تذهب كتبه . وقال رجل سفيان الثوري : : أعرني كتابك ، قال : ؟ إني أكره ذلك ، فقال : أما علمت أن المكارم موصولة بالمكاره ، فأعاره . ويستحب شكر المعير لإحسانه . لأبي العتاهية
فهذه نبذة من آداب المعلم والمتعلم ، وهي إن كانت طويلة بالنسبة إلى هذا الكتاب فهي مختصرة بالنسبة إلى ما جاء فيها ، وإنما قصدت بإيرادها أن يكون جامعا لكل ما يحتاج إليه طالب العلم وبالله التوفيق .