أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=210وقضي الأمر ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : المعنى أنه فرغ ما كانوا يوعدون به فعند ذلك لا تقال لهم عثرة لهم ولا تصرف عنهم عقوبة ولا ينفع في دفع ما نزل بهم حيلة .
المسألة الثانية : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=210وقضي الأمر ) معناه : ويقضي الأمر ، والتقدير : إلا أن يأتيهم الله ويقضي الأمر ، فوضع الماضي موضع المستقبل وهذا كثير في القرآن ، وخصوصا في أمور الآخرة فإن الإخبار عنها يقع كثيرا بالماضي ، قال الله سبحانه وتعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116ياعيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي ) [المائدة : 116] والسبب في اختيار هذا المجاز أمران :
أحدهما : التنبيه على قرب أمر الآخرة فكأن الساعة قد أتت ووقع ما يريد الله إيقاعه .
والثاني : المبالغة في تأكيد أنه لا بد من وقوعه لتجزى كل نفس بما تسعى ، فصار بحصول القطع والجزم بوقوعه كأنه قد وقع وحصل .
المسألة الثالثة : الأمر المذكور ههنا هو فصل القضاء بين الخلائق ، وأخذ الحقوق لأربابها وإنزال كل أحد من المكلفين منزلته من الجنة والنار ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ) [إبراهيم : 22] .
إذا عرفت هذا فنقول : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=210وقضي الأمر ) يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=30296أحوال القيامة توجد دفعة من غير توقف ، فإنه تعالى ليس لقضائه دافع ، ولا لحكمه مانع .
المسألة الرابعة : قرأ
معاذ بن جبل " وقضاء الأمر" على المصدر المرفوع عطفا على الملائكة .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=210وَقُضِيَ الْأَمْرُ ) فَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : الْمَعْنَى أَنَّهُ فَرَغَ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ بِهِ فَعِنْدَ ذَلِكَ لَا تُقَالُ لَهُمْ عَثْرَةٌ لَهُمْ وَلَا تُصْرَفُ عَنْهُمْ عُقُوبَةٌ وَلَا يَنْفَعُ فِي دَفْعِ مَا نَزَلِ بِهِمْ حِيلَةٌ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=210وَقُضِيَ الْأَمْرُ ) مَعْنَاهُ : وَيَقْضِي الْأَمْرَ ، وَالتَّقْدِيرُ : إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ وَيَقْضِيَ الْأَمْرَ ، فَوَضَعَ الْمَاضِي مَوْضِعَ الْمُسْتَقْبَلِ وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ ، وَخُصُوصًا فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ فَإِنَّ الْإِخْبَارَ عَنْهَا يَقَعُ كَثِيرًا بِالْمَاضِي ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=116يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ ) [الْمَائِدَةِ : 116] وَالسَّبَبُ فِي اخْتِيَارِ هَذَا الْمَجَازِ أَمْرَانِ :
أَحَدُهُمَا : التَّنْبِيهُ عَلَى قُرْبِ أَمْرِ الْآخِرَةِ فَكَأَنَّ السَّاعَةَ قَدْ أَتَتْ وَوَقَعَ مَا يُرِيدُ اللَّهُ إِيقَاعَهُ .
وَالثَّانِي : الْمُبَالَغَةُ فِي تَأْكِيدِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ، فَصَارَ بِحُصُولِ الْقَطْعِ وَالْجَزْمِ بِوُقُوعِهِ كَأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ وَحَصَلَ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : الْأَمْرُ الْمَذْكُورُ هَهُنَا هُوَ فَصْلُ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْخَلَائِقِ ، وَأَخْذُ الْحُقُوقِ لِأَرْبَابِهَا وَإِنْزَالُ كُلِّ أَحَدٍ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ مَنْزِلَتَهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ ) [إِبْرَاهِيمَ : 22] .
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=210وَقُضِيَ الْأَمْرُ ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30296أَحْوَالَ الْقِيَامَةِ تُوجَدُ دُفْعَةً مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ ، فَإِنَّهُ تَعَالَى لَيْسَ لِقَضَائِهِ دَافِعٌ ، وَلَا لِحُكْمِهِ مَانِعٌ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَرَأَ
مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ " وَقَضَاءُ الْأَمْرِ" عَلَى الْمَصْدَرِ الْمَرْفُوعِ عَطْفًا عَلَى الْمَلَائِكَةِ .