المسألة الثانية : اعلم أنا قد بينا أن فأما إذا حصل مانع عن ذلك فقد يجوز العدول عنها إلى غيرها، منها ما إذا تزوجت آخر، فقيامها بحق ذلك الزوج يمنعها عن الرضاع، ومنها أنه إذا طلقها الزوج الأول فقد تكره الرضاع حتى يتزوج بها زوج آخر، ومنها أن تأبى المرأة قبول الولد إيذاء للزوج المطلق وإيحاشا له، ومنها أن تمرض أو ينقطع لبنها، فعند أحد هذه الوجوه إذا وجدنا مرضعة أخرى [ ص: 107 ] وقبل الطفل لبنها جاز العدول عن الأم إلى غيرها، فأما إذا لم نجد مرضعة أخرى، أو وجدناها ولكن الطفل لا يقبل لبنها فهاهنا الإرضاع واجب على الأم. الأم أحق بالإرضاع،
أما قوله تعالى : ( إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف ) ففيه مسألتان :
المسألة الأولى : ابن كثير وحده : "ما أتيتم" مقصورة الألف، والباقون ( قرأ ما آتيتم ) ممدودة الألف، أما المد فتقديره : ما آتيتموه المرأة ؛ أي أردتم إيتاءه ، وأما القصر فتقديره : ما أتيتم به، فحذف المفعولين في الأول وحذف لفظة (به) في الثاني لحصول العلم بذلك، وروى شيبان عن عاصم (ما أوتيتم) أي ما آتاكم الله وأقدركم عليه من الأجرة، ونظيره قوله تعالى : ( وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه ) [الحديد : 7].
المسألة الثانية : ليس التسليم شرطا للجواز والصحة، وإنما هو ندب إلى الأولى ، والمقصود منه أن حتى تكون طيبة النفس راضية ، فيصير ذلك سببا لصلاح حال الصبي، والاحتياط في مصالحه. ثم إنه تعالى ختم الآية بالتحذير، فقال : ( تسليم الأجرة إلى المرضعة يدا بيد واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير ) .