حمد : الحمد : نقيض الذم ; ويقال : حمدته على فعله ومنه المحمدة خلاف المذمة ، وفي التنزيل العزيز : الحمد لله رب العالمين وأما قول العرب : بدأت بالحمد لله ، فإنما هو على الحكاية أي بدأت بقول : الحمد لله رب العالمين وقد قرئ الحمد لله على المصدر والحمد لله على الإتباع ، والحمد لله على الإتباع ; قال الفراء : اجتمع القراء على رفع الحمد لله ، فأما أهل البدو فمنهم من يقول : الحمد لله ، بنصب الدال ، ومنهم من يقول : الحمد لله ، بخفض الدال ، ومنهم من يقول : الحمد لله ، فيرفع الدال واللام ; وروي عن ابن العباس أنه قال : الرفع هو القراءة لأنه المأثور ، وهو الاختيار في العربية ; وقال النحويون : من نصب من الأعراب الحمد لله فعلى المصدر أحمد الحمد لله ، وأما من قرأ الحمد لله فإن الفراء قال : هذه كلمة كثرت على الألسن حتى صارت كالاسم الواحد ، فثقل عليهم ضمة بعدها كسرة فأتبعوا الكسرة للكسرة ; قال وقال الزجاج : لا يلتفت إلى هذه اللغة ولا يعبأ بها ، وكذلك من قرأ الحمد لله في غير القرآن ، فهي لغة رديئة ; قال ثعلب : الحمد يكون عن يد وعن غير يد ، والشكر لا يكون إلا عن يد وسيأتي ذكره ; وقال اللحياني : الحمد الشكر فلم يفرق بينهما . الأخفش : الحمد لله الشكر لله ، قال : والحمد لله الثناء . قال الأزهري : الشكر لا يكون إلا ثناء ليد أوليتها ، والحمد قد يكون شكرا للصنيعة ويكون ابتداء للثناء على الرجل ، فحمد الله الثناء عليه ويكون شكرا لنعمه التي شملت الكل ، والحمد أعم من الشكر . وقد حمده حمدا ومحمدا ومحمدة ومحمدا ومحمدة ، نادر ، فهو محمود وحميد والأنثى حميدة ، أدخلوا فيها الهاء وإن كان في المعنى مفعولا تشبيها لها برشيدة ، شبهوا ما هو في معنى مفعول بما هو بمعنى فاعل لتقارب المعنيين . والحميد : من صفات الله - تعالى - وتقدس بمعنى المحمود على كل حال ، وهو من الأسماء الحسنى فعيل بمعنى محمود ; قال محمد بن المكرم : هذه اللفظة في الأصول فعيل بمعنى مفعول ، ولفظة مفعول في هذا المكان ينبو عنها طبع الإيمان ، فعدلت عنها وقلت حميد بمعنى محمود ، وإن كان المعنى واحدا ، لكن التفاصح في التفعيل هنا لا يطابق محض التنزيه والتقديس لله - عز وجل ; والحمد والشكر متقاربان والحمد أعمهما لأنك تحمد الإنسان على صفاته الذاتية وعلى عطائه ولا تشكره على صفاته ; ومنه الحديث : ، كما أن كلمة الإخلاص رأس الإيمان ، وإنما كان رأس الشكر لأن فيه إظهار النعمة والإشادة بها ، ولأنه أعم منه ، فهو شكر وزيادة . وفي حديث الدعاء " الحمد رأس الشكر ; ما شكر الله عبد لا يحمده " ; أي وبحمدك أبتدئ وقيل : وبحمدك سبحت ، وقد تحذف الواو وتكون الواو للتسبب أو للملابسة ; أي التسبيح مسبب بالحمد أو ملابس له . ورجل حمدة كثير الحمد ، ورجل حماد مثله . ويقال : فلان يتحمد الناس بجوده أي يريهم أنه محمود . ومن أمثالهم : من أنفق ماله على نفسه فلا يتحمد به إلى الناس ; المعنى أنه يحمد على إحسانه إلى نفسه ، إنما يحمد على إحسانه إلى الناس ; وحمده وحمده وأحمده : وجده محمودا ; يقال : أتينا فلانا فأحمدناه وأذممناه أي وجدناه محمودا أو مذموما . ويقال : أتيت موضع كذا فأحمدته أي صادفته محمودا موافقا ، وذلك إذا رضيت سكناه أو مرعاه . وأحمد الأرض : صادفها حميدة ، فهذه اللغة الفصيحة ، وقد يقال حمدها . وقال بعضهم : أحمد الرجل إذا رضي فعله ومذهبه ولم ينشره . " سبحانك اللهم وبحمدك " : حمده جزاه وقضى حقه ، وأحمده استبان أنه مستحق للحمد . سيبويه : رجل حمد وامرأة حمد وحمدة محمودان ومنزل حمد ; وأنشد : ابن الأعرابي
وكانت من الزوجات يؤمن غيبها وترتاد فيها العين منتجعا حمدا
ومنزلة حمد ; عن اللحياني . وأحمد الرجل : فعل ما يحمد عليه . وأحمد الرجل : صار أمره إلى الحمد . وأحمدته : وجدته محمودا ; قال الأعشى :
وأحمدت إذ نجيت بالأمس صرمة لها غدادات واللواحق تلحق
وأحمد أمره : صار عنده محمودا . وطعام ليست محمدة أي لا يحمد . والتحميد : حمدك الله - عز وجل - مرة بعد مرة . الأزهري : التحميد كثرة حمد الله - سبحانه - بالمحامد الحسنة ، والتحميد أبلغ من الحمد . وإنه لحماد لله ، ومحمد هذا الاسم منه كأنه حمد مرة بعد أخرى . وأحمد إليك الله : أشكره عندك ; وقوله :
طافت به فتحامدت ركبانه
أي حمد بعضهم عند بعض . الأزهري : وقول العرب أحمد إليك الله أي أحمد معك الله ; وقال غيره : أشكر إليك أياديه ونعمه ; وقال بعضهم : أشكر إليك نعمه وأحدثك بها . هل تحمد لهذا الأمر أي ترضاه ؟ قال الخليل : معنى قولهم في الكتب أحمد إليك الله أي أحمد [ ص: 217 ] معك الله ; كقول الشاعر :
ولوحي ذراعين في بركة إلى جؤجؤ رهل المنكب
يريد مع بركة إلى جؤجؤ أي مع جؤجؤ . وفي كتابه ، عليه السلام : أما بعد فإني أحمد إليك الله أي أحمده معك فأقام إلى مقام مع ; وقيل : معناه أحمد إليك نعمة الله ، عز وجل ، بتحديثك إياها . وفي الحديث : يريد انفراده بالحمد يوم القيامة وشهرته به على رءوس الخلق ، والعرب تضع اللواء في موضع الشهرة ; ومنه الحديث : ( لواء الحمد بيدي يوم القيامة ) الذي يحمده فيه جميع الخلق لتعجيل الحساب والإراحة من طول الوقوف ; وقيل : هو الشفاعة . وفلان يتحمد علي أي يمتن ، ورجل حمدة مثل همزة : يكثر حمد الأشياء ويقول فيها أكثر مما فيها . " وابعثه المقام المحمود " في حديث ابن شميل : أحمد إليكم غسل الإحليل أي أرضاه لكم وأتقدم فيه إليكم ، أقام إلى مقام اللام الزائدة كقوله - تعالى : ابن عباس بأن ربك أوحى لها أي إليها . وفي النوادر : حمدت على فلان حمدا وضمدت له : ضمدا إذا غضبت ; وكذلك أرمت أرما . وقول المصلي : سبحانك اللهم وبحمدك ; المعنى وبحمدك أبتدئ ، وكذلك الجالب للباء في بسم الله الابتداء كأنك قلت : بدأت بسم الله ، ولم تحتج إلى ذكر بدأت لأن الحال أنبأت أنك مبتدئ . وقولهم : حماد لفلان أي حمدا له وشكرا وإنما بني على الكسر لأنه معدول عن المصدر . وحماداك أن تفعل كذا وكذا أي غايتك وقصاراك ; وقال اللحياني : حماداك أن تفعل ذلك وحمدك أي مبلغ جهدك ; وقيل : معناه قصاراك وحماداك أن تنجو منه رأسا برأس ; أي قصرك وغايتك . وحمادي أن أفعل ذاك أي غايتي وقصاراي ; عن . ابن الأعرابي : حنانك أن تفعل ذلك ، ومثله حماداك . وقالت الأصمعي : حماديات النساء غض الطرف وقصر الوهادة ; معناه غاية ما يحمد منهن هذا ; وقيل : غناماك بمعنى حماداك ، وعناناك مثله . أم سلمة ومحمد وأحمد : من أسماء سيدنا المصطفى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وقد سمت محمدا وأحمد وحامدا وحمادا وحميدا وحمدا وحميدا . والمحمد : الذي كثرت خصاله المحمودة ; قال الأعشى :
إليك أبيت اللعن ، كان كلالها إلى الماجد القرم الجواد المحمد
قال : ومن سمي في الجاهلية بمحمد سبعة : الأول ابن بري محمد بن سفيان بن مجاشع التميمي ، وهو الجد الذي يرجع إليه الفرزدق همام بن غالب والأقرع بن حابس وبنو عقال ، والثاني محمد بن عتوارة الليثي الكناني ، والثالث محمد بن أحيحة بن الجلاح الأوسي أحد بني جحجبى ، والرابع محمد بن حمران بن مالك الجعفي المعروف بالشويعر ; لقب بذلك لقول امرئ القيس فيه وقد كان طلب منه أن يبيعه فرسا فأبى فقال :
بلغا عني الشويعر أني عمد عين ، بكيتهن حريما
وحريم هذا : اسم رجل ; وقال الشويعر مخاطبا لامرئ القيس :
أتتني أمور فكذبتها وقد نميت لي عاما فعاما
بأن امرأ القيس أمسى كئيبا على أله ، ما يذوق الطعاما
لعمر أبيك الذي لا يهان لقد كان عرضك مني حراما
وقالوا : هجوت ، ولم أهجه وهل يجدن فيك هاج مراما
وليس هذا هو الشويعر الحنفي وأما الشويعر الحنفي فاسمه هانئ بن توبة الشيباني وسمي الشويعر لقوله هذا البيت :
وإن الذي يمسي ، ودنياه همه لمستمسك منها بحبل غرور
وأنشد له : أبو العباس ثعلب
يحيي الناس كل غني قوم ويبخل بالسلام على الفقير
ويوسع للغني إذا رأوه ويحبى بالتحية كالأمير
والخامس أخو محمد بن مسلمة الأنصاري بني حارثة ، والسادس محمد بن خزاعي بن علقمة ، والسابع محمد بن حرماز بن مالك التميمي العمري . وقولهم في المثل : العود أحمد ; أي أكثر حمدا ; قال الشاعر :
فلم تجر إلا جئت في الخير سابقا ولا عدت إلا أنت في العود أحمد
وحمدة النار ، بالتحريك : صوت التهابها كحدمتها ; الفراء : للنار حمدة . ويوم محتمد ومحتدم : شديد الحر . واحتمد الحر : قلب احتدم . ومحمود : اسم الفيل المذكور في القرآن . ويحمد : أبو بطن من الأزد . واليحامد جمع : قبيلة يقال لها : يحمد ، وقبيلة يقال لها اليحمد ; هذه عبارة عن ; قال السيرافي : والذي عندي أن اليحامد في معنى اليحمديين واليحمديين ، فكان يجب أن تلحقه الهاء عوضا من ياءي النسب كالمهالبة ، ولكنه شذ أو جعل كل واحد منهم يحمد أو يحمد ، وركبوا هذا الاسم فقالوا حمدويه ، وتعليل ذلك مذكور في عمرويه . ابن سيده