( كتاب المكاتب ) :
الكلام في هذا الكتاب يقع في مواضع في
nindex.php?page=treesubj&link=7471_7449بيان جواز المكاتبة ، وفي بيان ركن المكاتبة ، وفي بيان شرائط
[ ص: 134 ] الركن ، وفي بيان ما يملكه المكاتب من التصرفات وما لا يملكه ، وفي بيان ما يملكه المولى من التصرف في المكاتب وما لا يملكه ، وفي بيان صفة المكاتبة ، وفي بيان حكم المكاتبة ، وفي بيان ما تنفسخ به المكاتبة .
أما الأول : فالقياس أن لا تجوز المكاتبة لما فيها من إيجاب الدين للمولى على عبده ، وليس يجب للمولى على عبده دين ، وفي الاستحسان جائز بالكتاب والسنة وإجماع الأمة .
أما الكتاب فقوله عز وجل {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا } وأدنى درجات الأمر الندب .
فكانت الكتابة مندوبا إليها فضلا عن الجواز ، وقوله عز وجل {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33إن علمتم فيهم خيرا } أي رغبة في إقامة الفرائض ، وقيل : وفاء لأمانة الكتابة ، وقيل : حرفة .
وروي هذا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25956عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في قوله عز وجل خيرا أي حرفة } ولا ترسلوهم كلابا على الناس .
وأما السنة فما روى
محمد بن الحسن بإسناده عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9058أيما عبد كوتب على مائة أوقية فأداها كلها إلا عشر أواق فهو رقيق } وقال صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15254المكاتب عبد ما بقي عليه درهم } وروي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=6510أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها كاتبت بريرة بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليها } وعليه إجماع الأمة ، وبه تبين أن قول
nindex.php?page=showalam&ids=15858داود بن علي الأصفهاني أن الكتابة واجبة قول مخالف للإجماع ، وإن تعلقه بظاهر الأمر لا يصح ; لأن الأمة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا يتركون مماليكهم بعد موتهم ميراثا لورثتهم من غير نكير ، فعلم أن ليس المراد من هذا الأمر الوجوب .
وأما الجواب عن وجه القياس إن المولى لا يجب له على عبده دين .
فهذا على الإطلاق ممنوع ، وإنما نسلم ذلك في العبد القن لا في المكاتب والمستسعى ; لأن كسب القن ملك المولى ، وكسب المكاتب والمستسعى ملكهما لا حق للمولى فيه ; فكان المولى كالأجنبي عن كسب المكاتب ، فأمكن إيجاب الدين للمولى عليه .
( كِتَابُ الْمُكَاتَبِ ) :
الْكَلَامُ فِي هَذَا الْكِتَابِ يَقَعُ فِي مَوَاضِعَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=7471_7449بَيَانِ جَوَازِ الْمُكَاتَبَةِ ، وَفِي بَيَانِ رُكْنِ الْمُكَاتَبَةِ ، وَفِي بَيَانِ شَرَائِطِ
[ ص: 134 ] الرُّكْنِ ، وَفِي بَيَانِ مَا يَمْلِكُهُ الْمُكَاتَبُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ وَمَا لَا يَمْلِكُهُ ، وَفِي بَيَانِ مَا يَمْلِكُهُ الْمَوْلَى مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمُكَاتَبِ وَمَا لَا يَمْلِكُهُ ، وَفِي بَيَانِ صِفَةِ الْمُكَاتَبَةِ ، وَفِي بَيَانِ حُكْمِ الْمُكَاتَبَةِ ، وَفِي بَيَانِ مَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْمُكَاتَبَةُ .
أَمَّا الْأَوَّلُ : فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ الْمُكَاتَبَةُ لِمَا فِيهَا مِنْ إيجَابِ الدَّيْنِ لِلْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ ، وَلَيْسَ يَجِبُ لِلْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ جَائِزٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ .
أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33فَكَاتِبُوهُمْ إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا } وَأَدْنَى دَرَجَاتِ الْأَمْرِ النَّدْبُ .
فَكَانَتْ الْكِتَابَةُ مَنْدُوبًا إلَيْهَا فَضْلًا عَنْ الْجَوَازِ ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا } أَيْ رَغْبَةً فِي إقَامَةِ الْفَرَائِضِ ، وَقِيلَ : وَفَاءً لِأَمَانَةِ الْكِتَابَةِ ، وَقِيلَ : حِرْفَةً .
وَرُوِيَ هَذَا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25956عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا أَيْ حِرْفَةً } وَلَا تُرْسِلُوهُمْ كِلَابًا عَلَى النَّاسِ .
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رَوَى
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9058أَيُّمَا عَبْدٍ كُوتِبَ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ فَأَدَّاهَا كُلَّهَا إلَّا عَشْرَ أَوَاقٍ فَهُوَ رَقِيقٌ } وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15254الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ } وَرُوِيَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=6510أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَاتَبَتْ بَرِيرَةَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا } وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ ، وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=15858دَاوُد بْنِ عَلِيٍّ الْأَصْفَهَانِيِّ أَنَّ الْكِتَابَةَ وَاجِبَةٌ قَوْلٌ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ ، وَإِنَّ تَعَلُّقَهُ بِظَاهِرِ الْأَمْرِ لَا يَصِحُّ ; لِأَنَّ الْأُمَّةَ مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى يَوْمِنَا هَذَا يَتْرُكُونَ مَمَالِيكَهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ ، فَعُلِمَ أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ الْوُجُوبَ .
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ وَجْهِ الْقِيَاسِ إنَّ الْمَوْلَى لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ .
فَهَذَا عَلَى الْإِطْلَاقِ مَمْنُوعٌ ، وَإِنَّمَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ الْقِنِّ لَا فِي الْمُكَاتَبِ وَالْمُسْتَسْعَى ; لِأَنَّ كَسْبَ الْقِنِّ مِلْكُ الْمَوْلَى ، وَكَسْبَ الْمُكَاتَبِ وَالْمُسْتَسْعَى مِلْكُهُمَا لَا حَقَّ لِلْمَوْلَى فِيهِ ; فَكَانَ الْمَوْلَى كَالْأَجْنَبِيِّ عَنْ كَسْبِ الْمُكَاتَبِ ، فَأَمْكَنَ إيجَابُ الدَّيْنِ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ .