[ ص: 147 ] [ ص: 148 ] [ ص: 149 ] الباب الثاني
في ، وقرانه جميع الفضائل الدينية ، والدنيوية فيه نسقا تكميل الله - تعالى - له المحاسن خلقا ، وخلقا
مقدمة الباب الثاني
اعلم أيها المحب لهذا النبي الكريم ، الباحث عن تفاصيل جمل قدره العظيم أن خصال الجلال ، والكمال في البشر نوعان : ضروري دنيوي اقتضته الجبلة ، وضرورة الحياة الدنيا ، ومكتسب ديني ، وهو ما يحمد فاعله ، ويقرب إلى الله - تعالى - زلفى . ثم هي على فنين أيضا : منها ما يتخلص لأحد الوصفين ، ومنها ما يتمازج ، ويتداخل . فأما الضروري المحض فما ليس للمرء فيه اختيار ، ولا اكتساب ، مثل ما كان في جبلته من كمال خلقته ، وجمال صورته ، وقوة عقله ، وصحة فهمه ، وفصاحة لسانه وقوة حواسه ، وأعضائه ، واعتدال حركاته ، وشرف نسبه ، وعزة قومه ، وكرم أرضه ، ويلحق به ما تدعوه ضرورة حياته إليه ، من غذائه ، ونومه ، وملبسه ، ومسكنه ، ومنكحه ، وماله ، وجاهه ، وقد تلحق هذه الخصال الآخرة بالأخروية إذا قصد بها التقوى ، ومعونة البدن على سلوك طريقها ، وكانت على حدود الضرورة ، وقواعد الشريعة ، وأما المكتسبة الأخروية فسائر الأخلاق العلية ، والآداب الشرعية : من الدين ، والعلم ، والحلم ، والصبر ، والشكر ، والمروءة ، والزهد ، والتواضع ، والعفو ، والعفة ، والجود ، والشجاعة ، والحياء ، والمروءة ، والصمت ، والتؤدة ، والوقار ، والرحمة ، وحسن الأدب ، والمعاشرة ، وأخواتها ، وهي التي جماعها حسن الخلق ، وقد يكون من هذه الأخلاق ما هو في الغريزة ، وأصل الجبلة لبعض الناس ، وبعضهم لا تكون فيه ، فيكتسبها ، ولكنه لا بد أن يكون فيه من أصولها في أصل الجبلة شعبة كما سنبينه إن شاء الله ، وتكون هذه الأخلاق دنيوية إذا لم يرد بها وجه الله ، والدار الآخرة ، ولكنها كلها محاسن ، وفضائل باتفاق أصحاب العقول السليمة ، وإن اختلفوا في موجب حسنها ، وتفضيلها .