ومن ذلك محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى سدرة المنتهى ، وإلى حيث شاء الله - عز وجل - كما ثبتت به الأحاديث الصحيحة المشهورة في الصحيحين وغيرهما ، قال معراج نبينا رحمه الله تعالى : باب المعراج . حدثنا البخاري ، حدثنا هدبة بن خالد ، حدثنا همام بن يحيى قتادة ، عن - رضي الله عنه - عن أنس بن مالك مالك بن صعصعة - رضي الله عنه - للجارود وهو إلى جنبي ، قال : من ثغرة نحره إلى شعرته ، وسمعته يقول : من قصه إلى شعرته ، فاستخرج قلبي ، ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا ، فغسل قلبي ثم حشي ، ثم أعيد ، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض ، فقال له الجارود : هو البراق يا أبا حمزة ؟ فقال أنس : نعم ، يضع خطوه عند أقصى طرفه ، فحملت عليه ، فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح ، فقيل من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، ففتح ، فلما خلصت فإذا فيها آدم ، فقال : هذا أبوك آدم ، فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد السلام ، ثم قال : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد [ ص: 165 ] حتى أتى السماء الثانية فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد - صلى الله عليه وسلم . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، ففتح ، فلما خلصت ، إذا بيحيى وعيسى وهما ابنا الخالة ، قال : هذا يحيى وعيسى ، فسلم عليهما ، فسلمت فردا ، ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ثم صعدت إلى السماء الثالثة ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد - صلى الله عليه وسلم . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، ففتح ، فلما خلصت ، إذا يوسف ، قال : هذا يوسف فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد - صلى الله عليه وسلم . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، ففتح ، فلما خلصت ، إذا إدريس ، قال : هذا إدريس فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد بي حتى أتى السماء الخامسة ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد - صلى الله عليه وسلم . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، فلما خلصت ، فإذا هارون ، فقال : هذا هارون فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد بي حتى أتى السماء السادسة ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد - صلى الله عليه وسلم . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، فلما خلصت ، فإذا موسى ، قال : هذا موسى فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، فلما تجاوزت بكى ، قيل له : ما يبكيك ؟ قال : أبكي لأن غلاما بعث بعدي ، يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي ، ثم صعد بي إلى السماء السابعة ، فاستفتح جبريل ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قال : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء ، فلما خلصت ، فإذا إبراهيم ، قال : هذا أبوك فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد السلام . قال : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح ، ثم رفعت إلى سدرة المنتهى ، فإذا نبقها مثل قلال هجر ، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة ، قال : هذه سدرة المنتهى ، وإذا أربعة أنهار : نهران ظاهران ، ونهران باطنان ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : أما الباطنان فنهران في الجنة ، وأما [ ص: 166 ] الظاهران فالنيل والفرات ، ثم رفع إلى البيت المعمور ، ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل ، فأخذت اللبن ، فقال : هي الفطرة ، أنت عليها وأمتك ، ثم فرضت علي الصلوات خمسين صلاة كل يوم ، فرجعت فمررت على موسى ، فقال : بما أمرت ؟ قال : أمرت بخمسين صلاة كل يوم ، قال : إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم ، وإني والله قد جربت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، فرجعت فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى فقال مثله ، فرجعت فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى فقال مثله ، فرجعت فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى فقال مثله ، فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم ، فرجعت فقال مثله ، فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم ، فرجعت إلى موسى فقال : بما أمرت ؟ قلت : أمرت بخمس صلوات كل يوم ، قال : إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم ، وإني قد جربت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، قال : سألت ربي حتى استحييت ، ولكنى أرضى وأسلم ، قال : فلما جاوزت ، ناداني مناد : أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي . أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - حدثهم عن ليلة أسري به ، قال : بينما أنا نائم في الحطيم ، وربما قال : في الحجر مضطجعا ، إذ أتاني آت ، فقد قال : وسمعته يقول : فشق ما بين هذه إلى هذه ، فقلت