ومن ذلك ، وهو أنواع : الرفع والصعود والعروج إليه
منها رفعه عيسى - عليه السلام ، قال الله تعالى : ( وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما ) ، ( النساء : 157 - 158 ) ، وقال تبارك وتعالى : ( ياعيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا ) ، ( آل عمران 55 ) ، وسيأتي إن شاء الله - تعالى - ذكر الأحاديث الواردة في نزوله إلى الأرض حكما عدلا في آخر هذه الأمة بشريعة نبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم - في أشراط الساعة .
[ ص: 161 ] ومنها صعود الأعمال إليه ، كما قال تعالى : ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) ، ( فاطر : 10 ) ، وفي صحيح ، عن البخاري - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة . ورواه من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ، ولا يصعد إلى الله إلا الطيب ، فإن الله - تعالى - يتقبلها بيمينه ، ثم يربيها لصاحبها ، كما يربي أحدكم فلوه ، حتى تكون مثل الجبل مسلم أيضا ، ، والنسائي ، والترمذي ، وابن ماجه في صحيحه . وابن خزيمة
وعن - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : النعمان بن بشير رواه الذين يذكرون من جلال الله - عز وجل - من تسبيحه وتكبيره ، وتحميده وتهليله ، يتعاطفن حول العرش لهن دوي ، كدوي النحل يذكرن بصاحبهن ، ألا يحب أحدكم أن لا يزال له عند الله شيء يذكر به ؟ أحمد ، وعن وابن ماجه - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن عمر اتقوا دعوة المظلوم ، فإنها تصعد إلى الله - عز وجل - كأنها شرارة . قال الذهبي : غريب ، وإسناده جيد .
وفي الصحيحين من حديث - رضي الله عنه - مرفوعا : معاذ بن جبل . وعن واتق دعوة المظلوم ، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي موسى الأشعري . وفي ذلك أحاديث لا تحصى في الصحيحين وغيرهما . إن الله لا ينام ، ولا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه ، يرفع إليه عمل الليل قبل [ ص: 162 ] النهار ، وعمل النهار قبل الليل ، حجابه النور ، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه
ومنها صعود الأرواح إلى الله - عز وجل - أعني أرواح المؤمنين ، قال الله تبارك وتعالى : ( إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ) ، ( الأعراف : 40 ) ، وروى الإمام أحمد من حديث الطويل في قبض الروح ، وفيه قال : البراء بن عازب . وذكر الحديث ، وسيأتي إن شاء الله بطوله ، وقد تقدم حديث إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا ، وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه ، كأن وجوههم الشمس ، معهم كفن من أكفان الجنة ، وحنوط من حنوط الجنة ، حتى يجلسوا منه مد البصر ، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه ، فيقول : أيتها النفس الطيبة ، اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان ، قال : فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من في السقاء ، فيأخذها ، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها ، فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك على وجه الأرض ، قال : فيصعدون بها ، فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذه الروح الطيبة ؟ فيقولون : فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه في الدنيا ، حتى ينتهوا إلى سماء الدنيا ، فيستفتحون له ، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها ، حتى ينتهوا بها إلى السماء السابعة ، فيقول الله تعالى : اكتبوا كتاب عبدي في عليين ، وأعيدوه إلى الأرض ، فإني منها خلقتهم ، وفيها أعيدهم ، ومنها أخرجهم تارة أخرى في ذلك ، وفيه أحاديث جمة ، سنذكر منها ما يسره الله - تعالى - في بابه إن شاء الله . أبي هريرة
[ ص: 163 ] ومنها عروج الملائكة والروح إليه ، قال الله تبارك وتعالى : ( من الله ذي المعارج تعرج الملائكة والروح إليه ) ، ( المعارج 3 - 4 ) ، وفي الصحيحين عن - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أبي هريرة . يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم ، فيسألهم وهو أعلم بهم ، فيقول : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلون ، وأتيناهم وهم يصلون
وعنه - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : . متفق عليه ، وهذا لفظ إن لله - تبارك وتعالى - ملائكة يطوفون في الطرق ، يلتمسون أهل الذكر ، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله - تعالى - تنادوا هلموا إلى حاجتكم ، قال : فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا ، قال : فيسألهم ربهم - عز وجل - وهو أعلم منهم ، ما يقول عبادي ؟ قال يقولون : يسبحونك ويكبرونك ، ويحمدونك ويمجدونك ، قال : فيقول تعالى ، هل رأوني ؟ قال فيقولون : لا والله ، ما رأوك . قال فيقول : وكيف لو رأوني ؟ قال يقولون : لو رأوك كانوا لك أشد عبادة ، وأشد لك تمجيدا ، وأكثر لك تسبيحا . قال يقول : فما يسألوني ؟ قال : يسألونك الجنة ، قال يقول : وهل رأوها ؟ قال يقولون : لا والله يا رب ، ما رأوها . قال يقول : فكيف لو أنهم رأوها ؟ قال يقولون : لو أنهم رأوها ، كانوا أشد عليها حرصا ، وأشد لها طلبا ، وأعظم فيها رغبة . قال : فمم يتعوذون ؟ قال يقولون : من النار . قال يقول : وهل رأوها ؟ قال يقولون : لا والله ، ما رأوها ؟ قال يقول : فكيف لو رأوها ؟ قال يقولون : لو رأوها ، كانوا أشد منها فرارا ، وأشد لها مخافة . قال فيقول : فأشهدكم أني قد غفرت لهم ، قال : يقول ملك من الملائكة : فيهم فلان ليس منهم ، إنما جاء لحاجة . قال : هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم . البخاري
وعنه - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : موسى - عليه الصلاة والسلام - فلطمه فذهب بعينه ، فعرج إلى ربه - عز وجل - فقال : يا رب ، بعثتني إلى موسى فلطمني فذهب بعيني ، ولولا كرامته عليك ، لشققت عليه . قال : [ ص: 164 ] ارجع إلى عبدي ، فقل له : فليضع يده على ثور ، فله بكل شعرة وارت كفه سنة يعيشها ، فأتاه فبلغه ما أمره ، فقال : ثم ماذا بعد ذلك ؟ قال : الموت . قال : الآن ، فشمه شمة قبض فيها روحه ، ورد الله على ملك الموت بصره . وفي لفظ : فلطم عينه ففقأها ، فرجع فقال : أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت ، فرد الله عليه عينه ، وقال : ارجع إلى عبدي ، فقل له : إن كنت تريد الحياة ، فضع يدك على متن ثور ، وفيه قال : يا رب ، فالآن . وقال : رب ، أدنني من الأرض المقدسة رمية بحجر . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر . متفق عليه . كان ملك الموت يأتي الناس عيانا ، فأتى