[ ص: 227 ] وأما
nindex.php?page=treesubj&link=1406الصلوات الخمس فيجوز فعلها للمعذور بعد انقضاء الأوقات ، فعلم أنه يصح فعلها في غير الوقت ، وأن الوقت ليس شرطا فيها ، كما هو شرط في تلك العبادات .
قال الآخرون : الجواب من وجهين : أحدهما : أن يقال : هب أنه يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=1406فعل الصلاة بعد وقتها للمعذور ، توسعة من الله ورحمة
[1] ، وأما النائم والناسي فلا
[2] ذنب لهما ، فوسع الله لهما عند الذكر والانتباه ، إذا كان لا يمكنهما الصلاة إلا حينئذ . فأي شيء في هذا مما يدل على جواز ذلك لمرتكب الكبيرة الذي لا عذر له في تفويتها ؟ والحج إذا فاته في عام أمكنه أن يحج في عام قابل ، ورمي الجمار إذا فاته جعل له بدل عنها وهو النسك . والجمعة إذا فاتت صلى الظهر . فكان
[3] المعذور إذا فاتته هذه العبادات المؤقتة شرع له أن يأتي ببدلها ، ولا إثم عليه ، رحمة من الله في حقه . وأما غير المعذور فجعل له البدل أيضا في الحج ، لأن الحج يقبل النيابة ; فإذا مات الإنسان جاز أن يحج عنه وإن كان مفرطا
[4] فإذا جاز أن يحج عنه غيره فلأن يجوز أن يأتي هو بالبدل بطريق الأحرى والأولى ; فإن الدم الذي يخرجه هو أولى من فعل غيره عنه .
وأما الجمعة إذا فاتته ، فإنما يصلي الظهر ، لأنها الفرض المعتاد في كل يوم ، لا لأنها بدل عن الجمعة ، بل الواجب على كل أحد : إما
[ ص: 228 ] الجمعة وإما الظهر ; فإذا أمكنه
[5] الجمعة وجبت عليه ، وإن لم يمكن صلى الظهر ، فإذا فاتت الجمعة أمكنه أن يصلي الظهر ، فوجب عليه صلاة الظهر . ولهذا لا يجوز فعلها عند أكثر العلماء إلا إذا فاتت الجمعة .
وأما الصلاة المكتوبة فلا تدخلها النيابة بحال ، وكذلك صوم رمضان إن
[6] كان قادرا عليه وإلا سقط عنه الصوم ، وأطعم هو عن كل يوم مسكينا عند الأكثرين ، وعند مالك لا شيء عليه . وأما ما وردت به السنة من صيام الإنسان عن وليه ، فذاك في النذر ، كما فسرته الصحابة الذين رووه بهذا ، كما يدل عليه لفظه ; فإنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=37386من مات وعليه صيام صام عنه وليه "
[7] والنذر في ذمته وهو
[8] عليه ، وأما صوم رمضان فليس في ذمته ولا هو عليه ، بل هو ساقط عن العاجز عنه .
فلما كانت الصلوات الخمس وصيام رمضان لا يفعله أحد عن أحد أصلا ، لم يكن لهما بدل ، بخلاف الحج وغيره ، فلهذا وسع الشارع في قضائهما للمعذور لحاجته به إلى ذلك توسعة منه ورحمة ، وغيرهما لم يوسع في قضائه لأحد ، لأنه لا حاجة به
[9] إلى قضائه لما شرع من البدل ،
[ ص: 229 ] إما عبادة أخرى كالظهر عن الجمعة ، والدم عن واجبات الحج ، وإما فعل الغير ، كالحج عن المغصوب والميت .
فهذا يبين الفرق بين الصلاة والصوم وغيرهما ، وبين المعذور وغيره ، ويبين أن من وسع فيهما لغير المعذور
[10] كما يوسع للمعذور فقد أخطأ القياس .
الجواب الثاني : أنا لم نقس قياسا استفدنا به حكم الفرع من الأصل ; فإن ما ذكرناه ثابت بالأدلة الشرعية التي لا تحتاج إلى القياس معها كما تقدم ، لكن ذكرنا القياس ليتصور الإنسان ما جاء به الشرع في هذا ، كما يضرب الله الأمثال للتفهيم والتصوير ، لا لأن ذلك هو الدليل الشرعي .
والمراد بهذا القياس أن يعرف أن فعل الصلاة بعد الوقت ، حيث حرم الله ورسوله تأخيرها ، بمنزلة فعل هذه العبادات . والمقصود تمثيل الحكم بالحكم ، لا تمثيل الفعل بالفعل ، فيعرف
[11] أن المقصود أن الصلاة ما بقيت تقبل ولا تصح ، كما لا تقبل هذه ولا تصح ; فإن من الجهال من يتوهم أن المراد بذلك تهوين
[12] أمر الصلاة ، وأن من فوتها سقط عنه القضاء ، فيدعو ذلك السفهاء إلى تفويتها .
وهذا لا يقوله مسلم ، بل من قال : إن من فوتها فلا إثم عليه ، فهو كافر مرتد يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل . ولكن تفويت الصلاة عمدا مثل تفويت شهر رمضان عمدا بإجماع المسلمين ، فأجمع المسلمون كلهم من
[ ص: 230 ] جميع الطوائف على أن من قال : لا أصلي صلاة النهار إلا بالليل ، فهو كمن قال : لا أصوم رمضان
[13] إلا في شوال ، فإن كان يستجيز تأخيرها ويرى ذلك جائزا له ، فهو كمن يرى تأخير رمضان جائزا . وهذا وهذا يجب
[14] استتابتهما باتفاق العلماء ، فإن تابا واعتقدا وجوب فعل الصلاة والصوم في وقتهما وإلا قتلا .
وكثير من العامة والجهال يعتقدون جواز تأخيرها إلى الليل بأدنى شغل ، ويرى أن صلاتها بالليل خير من أن يصليها بالنهار مع الشغل ، وهذا باطل بإجماع المسلمين ، بل هذا كفر
[15] . وكثير منهم لا يرى جوازها في الوقت إلا مع كمال الأفعال ، وأنه إذا صلاها بعد الوقت مع كمال الأفعال كان أحسن ، وهذا باطل ، بل كفر باتفاق العلماء .
ومن أسباب هذه الاعتقادات الفاسدة تجويز القضاء لغير المعذور ، وقول القائل : إنها تصح وتقبل وإن أثم بالتأخير ، فجعلوا فعلها بعد الغروب كفعل العصر بعد الاصفرار ، وذلك جمع بين ما فرق الله ورسوله بينه . فلو علمت العامة أن تفويت الصلاة كتفويت شهر رمضان باتفاق المسلمين ، لاجتهدوا في فعلها في الوقت .
ومن جملة أسباب ذلك أن رمضان يشترك في صومه جميع الناس ، والوقت مطابق للعبادة لا يفصل
[16] عنها ، وليس له شروط كالصلاة . والصلاة وقتها موسع ، فيصلي بعض الناس في أول الوقت وبعضهم في
[ ص: 231 ] آخره ، وكلاهما جائز ، وفيها واجبات يظن الجهال أنه لا يجوز فعلها إلا مع تلك الواجبات مطلقا ، فيقولون : نفعلها بعد الوقت ، فهو خير من فعلها في الوقت بدون تلك الواجبات .
فهذا الجهل أوجب تفويت الصلاة التفويت
[17] المحرم بالإجماع ، ولا يجوز أن يقال لمن فوتها : لا شيء عليك ، أو تسقط عنك الصلاة ، وإن قال هذا فهو كافر ، ولكن يبين له أنك بمنزلة من زنى وقتل النفس ، وبمنزلة من أفطر رمضان عمدا ، إذ أذنبت ذنبا ما بقي له جبران يقوم مقامه ، فإنه من الكبائر . بل قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه : الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر .
فإذا كان هذا في الجمع من غير عذر ، فكيف بالتفويت من غير عذر ؟ وحينئذ فعليك بالتوبة والاجتهاد في أعمال صالحة أكثر من قضائها ، فصل صلوات كثيرة ، لعله أن يكفر بها عنك ما فوته ، وأنت مع ذلك على خطر ، وتصدق فإن بعض الصحابة ألهاه بستانه عن صلاة المغرب فتصدق ببستانه .
وسليمان بن داود لما فاتته صلاة العصر بسبب الخيل ، طفق مسحا بالسوق والأعناق ، فعقرها كفارة لما صنع .
فمن فوت صلاة واحدة عمدا فقد أتى كبيرة عظيمة ، فليستدرك بما أمكن من توبة وأعمال صالحة . ولو قضاها لم يكن مجرد
[18] القضاء رافعا إثم ما فعل بإجماع المسلمين . والذين يقولون : لا يقبل منه القضاء ، يقولون : نأمره بأضعاف القضاء ، لعل الله أن يعفو عنه . وإذا قالوا : لا يجب القضاء إلا بأمر جديد ، فلأن القضاء تخفيف ورحمة ، كما في حق المريض والمسافر في رمضان . والرحمة والتخفيف تكون للمعذور والعاجز ، لا تكون
[ ص: 232 ] لأصحاب الكبائر المتعمدين لها ، المفرطين في عمود الإسلام .
والصلاة عمود الإسلام ، ألا ترى إلى ما ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير وجه أنه لما سئل عمن وجب عليه الحج فعجز عنه ، أو نذر صياما أو حجا فمات ، هل يفعل عنه ؟ فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=651720أرأيت لو كان على أبيك أو أمك دين فقضيته ، أما كان يجزي عنه ؟ " قال : بلى . قال : " فالله [19] أحق بالقضاء "
[20] . ومراده بذلك أن الله أحق بقبول القضاء عن المعذور من بني آدم ; فإن الله أرحم وأكرم ، فإذا كان الآدميون يقبلون القضاء عمن مات ، فالله أحق بقبوله أيضا ، لم يرد بذلك أن الله يحب أن تقضى حقوقه التي كانت على الميت ، وهي أوجب ما يقضى من الدين ، فإن دين الميت لا يجب على الورثة قضاؤه ، لكن يقضى من تركته ، ولا يجب على أحد فعل ما وجب على الميت من نذر .
والسائل إنما سأل عن الإجزاء والقبول ، لم يسأل عن الوجوب ، فلا بد أن يجاب عن سؤاله ، فعلم أن الأمر بقضاء العبادات وقبول القضاء من باب الإحسان والرحمة
[21] ، وذلك مناسب للمعذور
[22] . وأما صاحب الكبيرة المفوت عمدا
[23] فلا يستحق تخفيفا ولا رحمة ، لكن إذا تاب فله
[ ص: 233 ] أسوة بسائر التائبين من الكبائر ، فيجتهد في طاعة
[24] الله وعباداته بما أمكن ، والذين أمروه بالقضاء من العلماء
[25] لا يقولون : إنه بمجرد القضاء [ يسقط عنه الإثم ، بل يقولون : بالقضاء ]
[26] يخف عنه الإثم ، وأما إثم التفويت وتأخير الصلاة عن وقتها فهو كسائر الذنوب التي تحتاج : إما إلى توبة ، وإما إلى حسنات ماحية ، وإما غير ذلك مما يسقط به العقاب .
وهذه
nindex.php?page=treesubj&link=28328المسائل لبسطها موضع آخر . والمقصود هنا أن ما كان من الشيطان مما لا يدخل تحت الطاقة فهو معفو عنه ، كالنوم والنسيان والخطأ في الاجتهاد ونحو ذلك ، وأن كل من مدح من الأمة
[27] أولهم وآخرهم على شيء أثابه الله عليه ورفع به قدره ، فهو مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، فالثواب على ما جاء به الرسول
[28] ، والنصرة لمن نصره ، والسعادة لمن اتبعه ، وصلوات الله وملائكته
[29] على المؤمنين به ، والمعلمين للناس دينه ، والحق يدور معه حيثما دار ، وأعلم الخلق بالحق وأتبعهم له أعملهم بسنته وأتبعهم لها ، وكل قول خالف قوله فهو إما دين منسوخ وإما دين مبدل لم يشرع قط .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه في مفاوضة جرت بينه وبين
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان رضي الله عنه : " خيرنا أتبعنا لهذا الدين "
nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان يوافقه على ذلك ، وسائر الصحابة [ رضي الله عنهم أجمعين ]
[30] .
[ ص: 227 ] وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=1406الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ فَيَجُوزُ فِعْلُهَا لِلْمَعْذُورِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَوْقَاتِ ، فَعُلِمَ أَنَّهُ يَصِحُّ فِعْلُهَا فِي غَيْرِ الْوَقْتِ ، وَأَنَّ الْوَقْتَ لَيْسَ شَرْطًا فِيهَا ، كَمَا هُوَ شَرْطٌ فِي تِلْكَ الْعِبَادَاتِ .
قَالَ الْآخَرُونَ : الْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يُقَالَ : هَبْ أَنَّهُ يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=1406فِعْلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ وَقْتِهَا لِلْمَعْذُورِ ، تَوْسِعَةً مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةً
[1] ، وَأَمَّا النَّائِمُ وَالنَّاسِي فَلَا
[2] ذَنْبَ لَهُمَا ، فَوَسَّعَ اللَّهُ لَهُمَا عِنْدَ الذِّكْرِ وَالِانْتِبَاهِ ، إِذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُمَا الصَّلَاةُ إِلَّا حِينَئِذٍ . فَأَيُّ شَيْءٍ فِي هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ لِمُرْتَكِبِ الْكَبِيرَةِ الَّذِي لَا عُذْرَ لَهُ فِي تَفْوِيتِهَا ؟ وَالْحَجُّ إِذَا فَاتَهُ فِي عَامٍ أَمْكَنَهُ أَنْ يَحُجَّ فِي عَامٍ قَابِلٍ ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ إِذَا فَاتَهُ جُعِلَ لَهُ بَدَلٌ عَنْهَا وَهُوَ النُّسُكُ . وَالْجُمُعَةُ إِذَا فَاتَتْ صَلَّى الظُّهْرَ . فَكَانَ
[3] الْمَعْذُورُ إِذَا فَاتَتْهُ هَذِهِ الْعِبَادَاتُ الْمُؤَقَّتَةُ شَرَعَ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِبَدَلِهَا ، وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ، رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ فِي حَقِّهِ . وَأَمَّا غَيْرُ الْمَعْذُورِ فَجُعِلَ لَهُ الْبَدَلُ أَيْضًا فِي الْحَجِّ ، لِأَنَّ الْحَجَّ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ ; فَإِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ جَازَ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مُفْرِطًا
[4] فَإِذَا جَازَ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ غَيْرُهُ فَلَأَنْ يَجُوزَ أَنْ يَأْتِيَ هُوَ بِالْبَدَلِ بِطَرِيقِ الْأَحْرَى وَالْأَوْلَى ; فَإِنَّ الدَّمَ الَّذِي يُخْرِجُهُ هُوَ أَوْلَى مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ عَنْهُ .
وَأَمَّا الْجُمُعَةُ إِذَا فَاتَتْهُ ، فَإِنَّمَا يُصَلِّي الظُّهْرَ ، لِأَنَّهَا الْفَرْضُ الْمُعْتَادُ فِي كُلِّ يَوْمٍ ، لَا لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنِ الْجُمُعَةِ ، بَلِ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ : إِمَّا
[ ص: 228 ] الْجُمُعَةُ وَإِمَّا الظُّهْرُ ; فَإِذَا أَمْكَنَهُ
[5] الْجُمُعَةُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ صَلَّى الظُّهْرَ ، فَإِذَا فَاتَتِ الْجُمُعَةُ أَمْكَنَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ صَلَاةُ الظُّهْرِ . وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ إِلَّا إِذَا فَاتَتِ الْجُمُعَةُ .
وَأَمَّا الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ فَلَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ بِحَالٍ ، وَكَذَلِكَ صَوْمُ رَمَضَانَ إِنْ
[6] كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ الصَّوْمُ ، وَأَطْعَمَ هُوَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ ، وَعِنْدَ مَالِكٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ . وَأَمَّا مَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ صِيَامِ الْإِنْسَانِ عَنْ وَلِيِّهِ ، فَذَاكَ فِي النُّذُرِ ، كَمَا فَسَّرَتْهُ الصَّحَابَةُ الَّذِينَ رَوَوْهُ بِهَذَا ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُهُ ; فَإِنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=37386مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ "
[7] وَالنَّذْرُ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ
[8] عَلَيْهِ ، وَأَمَّا صَوْمُ رَمَضَانَ فَلَيْسَ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا هُوَ عَلَيْهِ ، بَلْ هُوَ سَاقِطٌ عَنِ الْعَاجِزِ عَنْهُ .
فَلَمَّا كَانَتِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَصِيَامُ رَمَضَانَ لَا يَفْعَلُهُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ أَصْلًا ، لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَدَلٌ ، بِخِلَافِ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ ، فَلِهَذَا وَسَّعَ الشَّارِعُ فِي قَضَائِهِمَا لِلْمَعْذُورِ لِحَاجَتِهِ بِهِ إِلَى ذَلِكَ تَوْسِعَةً مِنْهُ وَرَحْمَةً ، وَغَيْرُهُمَا لَمْ يُوَسِّعْ فِي قَضَائِهِ لِأَحَدٍ ، لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ بِهِ
[9] إِلَى قَضَائِهِ لِمَا شُرِعَ مِنَ الْبَدَلِ ،
[ ص: 229 ] إِمَّا عِبَادَةٌ أُخْرَى كَالظُّهْرِ عَنِ الْجُمُعَةِ ، وَالدَّمِ عَنْ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ ، وَإِمَّا فِعْلُ الْغَيْرِ ، كَالْحَجِّ عَنِ الْمَغْصُوبِ وَالْمَيِّتِ .
فَهَذَا يُبَيِّنُ الْفَرْقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَغَيْرِهِمَا ، وَبَيْنَ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ ، وَيُبَيِّنُ أَنَّ مَنْ وَسَّعَ فِيهِمَا لِغَيْرِ الْمَعْذُورِ
[10] كَمَا يُوَسِّعُ لِلْمَعْذُورِ فَقَدْ أَخْطَأَ الْقِيَاسَ .
الْجَوَابُ الثَّانِي : أَنَّا لَمْ نَقِسْ قِيَاسًا اسْتَفَدْنَا بِهِ حُكْمَ الْفَرْعِ مِنَ الْأَصْلِ ; فَإِنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ ثَابِتٌ بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إِلَى الْقِيَاسِ مَعَهَا كَمَا تَقَدَّمَ ، لَكِنْ ذَكَرْنَا الْقِيَاسَ لِيَتَصَوَّرَ الْإِنْسَانُ مَا جَاءَ بِهِ الشَّرْعُ فِي هَذَا ، كَمَا يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلتَّفْهِيمِ وَالتَّصْوِيرِ ، لَا لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ .
وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْقِيَاسِ أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ فِعْلَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوَقْتِ ، حَيْثُ حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ تَأْخِيرَهَا ، بِمَنْزِلَةِ فِعْلِ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ . وَالْمَقْصُودُ تَمْثِيلُ الْحُكْمِ بِالْحُكْمِ ، لَا تَمْثِيلُ الْفِعْلِ بِالْفِعْلِ ، فَيُعْرَفُ
[11] أَنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ الصَّلَاةَ مَا بَقِيَتْ تُقْبَلُ وَلَا تَصِحُّ ، كَمَا لَا تُقْبَلُ هَذِهِ وَلَا تَصِحُّ ; فَإِنَّ مِنَ الْجُهَّالِ مَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ تَهْوَيْنُ
[12] أَمْرِ الصَّلَاةِ ، وَأَنَّ مَنْ فَوَّتَهَا سَقَطَ عَنْهُ الْقَضَاءُ ، فَيَدْعُو ذَلِكَ السُّفَهَاءَ إِلَى تَفْوِيتِهَا .
وَهَذَا لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ ، بَلْ مَنْ قَالَ : إِنَّ مَنْ فَوَّتَهَا فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ، فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ يُسْتَتَابُ ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ . وَلَكِنَّ تَفْوِيتَ الصَّلَاةِ عَمْدًا مِثْلَ تَفْوِيتِ شَهْرِ رَمَضَانَ عَمْدًا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ، فَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ مِنْ
[ ص: 230 ] جَمِيعِ الطَّوَائِفِ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ : لَا أُصَلِّي صَلَاةَ النَّهَارِ إِلَّا بِاللَّيْلِ ، فَهُوَ كَمَنْ قَالَ : لَا أَصُومُ رَمَضَانَ
[13] إِلَّا فِي شَوَّالٍ ، فَإِنْ كَانَ يَسْتَجِيزُ تَأْخِيرَهَا وَيَرَى ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ ، فَهُوَ كَمَنْ يَرَى تَأْخِيرَ رَمَضَانَ جَائِزًا . وَهَذَا وَهَذَا يَجِبُ
[14] اسْتِتَابَتُهُمَا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ ، فَإِنْ تَابَا وَاعْتَقَدَا وُجُوبَ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فِي وَقْتِهِمَا وَإِلَّا قُتِلَا .
وَكَثِيرٌ مِنَ الْعَامَّةِ وَالْجُهَّالِ يَعْتَقِدُونَ جَوَازَ تَأْخِيرِهَا إِلَى اللَّيْلِ بِأَدْنَى شُغْلٍ ، وَيَرَى أَنَّ صَلَاتَهَا بِاللَّيْلِ خَيْرٌ مِنْ أَنَّ يُصَلِّيَهَا بِالنَّهَارِ مَعَ الشُّغْلِ ، وَهَذَا بَاطِلٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ، بَلْ هَذَا كُفْرٌ
[15] . وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ لَا يَرَى جَوَازَهَا فِي الْوَقْتِ إِلَّا مَعَ كَمَالِ الْأَفْعَالِ ، وَأَنَّهُ إِذَا صَلَّاهَا بَعْدَ الْوَقْتِ مَعَ كَمَالِ الْأَفْعَالِ كَانَ أَحْسَنَ ، وَهَذَا بَاطِلٌ ، بَلْ كُفْرٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ .
وَمِنْ أَسْبَابِ هَذِهِ الِاعْتِقَادَاتِ الْفَاسِدَةِ تَجْوِيزُ الْقَضَاءِ لِغَيْرِ الْمَعْذُورِ ، وَقَوْلُ الْقَائِلِ : إِنَّهَا تَصِحُّ وَتُقْبَلُ وَإِنْ أَثِمَ بِالتَّأْخِيرِ ، فَجَعَلُوا فِعْلَهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ كَفِعْلِ الْعَصْرِ بَعْدَ الِاصْفِرَارِ ، وَذَلِكَ جَمْعٌ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بَيْنَهُ . فَلَوْ عَلِمَتِ الْعَامَّةُ أَنَّ تَفْوِيتَ الصَّلَاةِ كَتَفْوِيتِ شَهْرِ رَمَضَانَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ، لَاجْتَهَدُوا فِي فِعْلِهَا فِي الْوَقْتِ .
وَمِنْ جُمْلَةِ أَسْبَابِ ذَلِكَ أَنَّ رَمَضَانَ يَشْتَرِكُ فِي صَوْمِهِ جَمِيعُ النَّاسِ ، وَالْوَقْتُ مُطَابِقٌ لِلْعِبَادَةِ لَا يُفْصَلُ
[16] عَنْهَا ، وَلَيْسَ لَهُ شُرُوطٌ كَالصَّلَاةِ . وَالصَّلَاةُ وَقْتُهَا مُوَسَّعٌ ، فَيُصَلِّي بَعْضُ النَّاسِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَبَعْضُهُمْ فِي
[ ص: 231 ] آخِرِهِ ، وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ ، وَفِيهَا وَاجِبَاتٌ يَظُنُّ الْجُهَّالُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا إِلَّا مَعَ تِلْكَ الْوَاجِبَاتِ مُطْلَقًا ، فَيَقُولُونَ : نَفْعَلُهَا بَعْدَ الْوَقْتِ ، فَهُوَ خَيْرٌ مِنْ فِعْلِهَا فِي الْوَقْتِ بِدُونِ تِلْكَ الْوَاجِبَاتِ .
فَهَذَا الْجَهْلُ أَوْجَبَ تَفْوِيتَ الصَّلَاةِ التَّفْوِيتَ
[17] الْمُحَرَّمَ بِالْإِجْمَاعِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ فَوَّتَهَا : لَا شَيْءَ عَلَيْكَ ، أَوْ تَسْقُطُ عَنْكَ الصَّلَاةُ ، وَإِنْ قَالَ هَذَا فَهُوَ كَافِرٌ ، وَلَكِنْ يُبَيَّنُ لَهُ أَنَّكَ بِمَنْزِلَةٍ مَنْ زَنَى وَقَتَلَ النَّفْسَ ، وَبِمَنْزِلَةِ مَنْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ عَمْدًا ، إِذْ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا مَا بَقِيَ لَهُ جُبْرَانٌ يَقُومُ مَقَامَهُ ، فَإِنَّهُ مِنَ الْكَبَائِرِ . بَلْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مِنَ الْكَبَائِرِ .
فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الْجَمْعِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ، فَكَيْفَ بِالتَّفْوِيتِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ؟ وَحِينَئِذٍ فَعَلَيْكَ بِالتَّوْبَةِ وَالِاجْتِهَادِ فِي أَعْمَالٍ صَالِحَةٍ أَكْثَرَ مِنْ قَضَائِهَا ، فَصَلِّ صَلَوَاتٍ كَثِيرَةً ، لَعَلَّهُ أَنْ يُكَفِّرَ بِهَا عَنْكَ مَا فَوَّتَّهُ ، وَأَنْتِ مَعَ ذَلِكَ عَلَى خَطَرٍ ، وَتَصَدَّقْ فَإِنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ أَلْهَاهُ بُسْتَانُهُ عَنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَتَصَدَّقَ بِبُسْتَانِهِ .
وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ لَمَّا فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ بِسَبَبِ الْخَيْلِ ، طَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ، فَعَقَرَهَا كَفَّارَةً لِمَا صَنَعَ .
فَمَنْ فَوَّتَ صَلَاةً وَاحِدَةً عَمْدًا فَقَدْ أَتَى كَبِيرَةً عَظِيمَةً ، فَلْيَسْتَدْرِكْ بِمَا أَمْكَنَ مِنْ تَوْبَةٍ وَأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ . وَلَوْ قَضَاهَا لَمْ يَكُنْ مُجَرَّدُ
[18] الْقَضَاءِ رَافِعًا إِثْمَ مَا فَعَلَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ . وَالَّذِينَ يَقُولُونَ : لَا يُقْبَلُ مِنْهُ الْقَضَاءُ ، يَقُولُونَ : نَأْمُرُهُ بِأَضْعَافِ الْقَضَاءِ ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ . وَإِذَا قَالُوا : لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ إِلَّا بِأَمْرٍ جَدِيدٍ ، فَلِأَنَّ الْقَضَاءَ تَخْفِيفٌ وَرَحْمَةٌ ، كَمَا فِي حَقِّ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ فِي رَمَضَانَ . وَالرَّحْمَةُ وَالتَّخْفِيفُ تَكُونُ لِلْمَعْذُورِ وَالْعَاجِزِ ، لَا تَكُونُ
[ ص: 232 ] لِأَصْحَابِ الْكَبَائِرِ الْمُتَعَمِّدِينَ لَهَا ، الْمُفَرِّطِينَ فِي عَمُودِ الْإِسْلَامِ .
وَالصَّلَاةُ عَمُودُ الْإِسْلَامِ ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ لَمَّا سُئِلَ عَمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ فَعَجَزَ عَنْهُ ، أَوْ نَذَرَ صِيَامًا أَوْ حَجًّا فَمَاتَ ، هَلْ يُفْعَلُ عَنْهُ ؟ فَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=651720أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ أَوْ أُمِّكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتَهُ ، أَمَا كَانَ يُجْزِي عَنْهُ ؟ " قَالَ : بَلَى . قَالَ : " فَاللَّهُ [19] أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ "
[20] . وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَحَقُّ بِقَبُولِ الْقَضَاءِ عَنِ الْمَعْذُورِ مِنْ بَنِي آدَمَ ; فَإِنَّ اللَّهَ أَرْحَمُ وَأَكْرَمُ ، فَإِذَا كَانَ الْآدَمِيُّونَ يَقْبَلُونَ الْقَضَاءَ عَمَّنْ مَاتَ ، فَاللَّهُ أَحَقُّ بِقَبُولِهِ أَيْضًا ، لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُقْضَى حُقُوقُهُ الَّتِي كَانَتْ عَلَى الْمَيِّتِ ، وَهِيَ أَوْجَبُ مَا يُقْضَى مِنَ الدَّيْنِ ، فَإِنَّ دَيْنَ الْمَيِّتِ لَا يَجِبْ عَلَى الْوَرَثَةِ قَضَاؤُهُ ، لَكِنْ يُقْضَى مِنْ تَرِكَتِهِ ، وَلَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ فِعْلُ مَا وَجَبَ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ نَذْرٍ .
وَالسَّائِلُ إِنَّمَا سَأَلَ عَنِ الْإِجْزَاءِ وَالْقَبُولِ ، لَمْ يَسْأَلْ عَنِ الْوُجُوبِ ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُجَابَ عَنْ سُؤَالِهِ ، فَعَلِمَ أَنَّ الْأَمْرَ بِقَضَاءِ الْعِبَادَاتِ وَقَبُولِ الْقَضَاءِ مِنْ بَابِ الْإِحْسَانِ وَالرَّحْمَةِ
[21] ، وَذَلِكَ مُنَاسِبٌ لِلْمَعْذُورِ
[22] . وَأَمَّا صَاحِبُ الْكَبِيرَةِ الْمُفَوِّتُ عَمْدًا
[23] فَلَا يَسْتَحِقُّ تَخْفِيفًا وَلَا رَحْمَةً ، لَكِنْ إِذَا تَابَ فَلَهُ
[ ص: 233 ] أُسْوَةٌ بِسَائِرِ التَّائِبِينَ مِنَ الْكَبَائِرِ ، فَيَجْتَهِدُ فِي طَاعَةِ
[24] اللَّهِ وَعِبَادَاتِهِ بِمَا أَمْكَنَ ، وَالَّذِينَ أَمَرُوهُ بِالْقَضَاءِ مِنَ الْعُلَمَاءِ
[25] لَا يَقُولُونَ : إِنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْقَضَاءِ [ يَسْقُطُ عَنْهُ الْإِثْمُ ، بَلْ يَقُولُونَ : بِالْقَضَاءِ ]
[26] يَخِفُّ عَنْهُ الْإِثْمُ ، وَأَمَّا إِثْمُ التَّفْوِيتِ وَتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا فَهُوَ كَسَائِرِ الذُّنُوبِ الَّتِي تَحْتَاجُ : إِمَّا إِلَى تَوْبَةٍ ، وَإِمَّا إِلَى حَسَنَاتٍ مَاحِيَةٍ ، وَإِمَّا غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَسْقُطُ بِهِ الْعِقَابُ .
وَهَذِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=28328الْمَسَائِلُ لِبَسْطِهَا مَوْضِعٌ آخَرُ . وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ مَا كَانَ مِنَ الشَّيْطَانِ مِمَّا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الطَّاقَةِ فَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ ، كَالنَّوْمِ وَالنِّسْيَانِ وَالْخَطَأِ فِي الِاجْتِهَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَأَنَّ كُلَّ مَنْ مُدِحَ مِنَ الْأُمَّةِ
[27] أَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ عَلَى شَيْءٍ أَثَابَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَرَفَعَ بِهِ قَدْرَهُ ، فَهُوَ مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَالثَّوَابُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ
[28] ، وَالنُّصْرَةُ لِمَنْ نَصَرَهُ ، وَالسَّعَادَةُ لِمَنِ اتَّبَعَهُ ، وَصَلَوَاتُ اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ
[29] عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِهِ ، وَالْمُعَلِّمِينَ لِلنَّاسِ دِينَهُ ، وَالْحَقُّ يَدُورُ مَعَهُ حَيْثُمَا دَارَ ، وَأَعْلَمُ الْخَلْقِ بِالْحَقِّ وَأَتْبَعُهُمْ لَهُ أَعَمَلُهُمْ بِسُنَّتِهِ وَأَتْبَعُهُمْ لَهَا ، وَكُلُّ قَوْلٍ خَالَفَ قَوْلَهُ فَهُوَ إِمَّا دِينٌ مَنْسُوخٌ وَإِمَّا دِينٌ مُبَدَّلٌ لَمْ يُشْرَعْ قَطُّ .
وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مُفَاوَضَةٍ جَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " خَيْرُنَا أَتْبَعْنَا لِهَذَا الدِّينِ "
nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانُ يُوَافِقُهُ عَلَى ذَلِكَ ، وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ ]
[30] .