وسبب ضلال هذه الفرق وأمثالهم ، عدولهم عن الصراط المستقيم ، الذي أمرنا الله باتباعه ، فقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=153وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله [ الأنعام : 153 ] .
nindex.php?page=treesubj&link=28328_28750وقال تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=108قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني [ يوسف : 108 ]
فوحد لفظ صراطه وسبيله ، وجمع السبل المخالفة له .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964599خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ، [ ص: 800 ] وقال : هذا سبيل الله ، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره ، وقال : هذه سبل ، على كل سبيل شيطان يدعو إليه ، ثم قرأ : nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=153وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون [ الأنعام : 153 ] .
ومن هاهنا يعلم أن اضطرار العبد إلى سؤال هداية الصراط المستقيم فوق كل ضرورة ، ولهذا شرع الله تعالى في الصلاة قراءة أم القرآن في كل ركعة ، إما فرضا أو إيجابا ، على حسب اختلاف العلماء في ذلك ، لاحتياج العبد إلى هذا الدعاء العظيم القدر ، المشتمل على أشرف المطالب وأجلها . فقد أمرنا الله تعالى أن نقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين [ الفاتحة : 6 - 7 ] . وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
اليهود مغضوب عليهم ، والنصارى ضالون .
وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964600لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ، قالوا : يا رسول الله : اليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟ ! .
[ ص: 801 ] قال طائفة من السلف : من انحرف من العلماء ففيه شبه من
اليهود ، ومن انحرف من العباد ففيه شبه من
النصارى . فلهذا تجد أكثر المنحرفين من أهل الكلام ، من
المعتزلة ونحوهم - فيه شبه من
اليهود ، حتى أن علماء
اليهود يقرءون كتب شيوخ
المعتزلة ، ويستحسنون طريقتهم ، وكذا شيوخ
المعتزلة يميلون إلى
اليهود ويرجحونهم على
النصارى . وأكثر المنحرفين من العباد ، من المتصوفة ونحوهم - فيهم شبه من
النصارى ، ولهذا يميلون إلى نوع من الرهبانية والحلول والاتحاد ونحو ذلك . وشيوخ هؤلاء يذمون الكلام وأهله ، وشيوخ أولئك يعيبون طريقة هؤلاء ويصنفون في ذم السماع والوجد وكثير من الزهد والعبادة التي أحدثها هؤلاء .
وَسَبَبُ ضَلَالِ هَذِهِ الْفِرَقِ وَأَمْثَالِهِمْ ، عُدُولُهُمْ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ ، الَّذِي أَمَرَنَا اللَّهُ بِاتِّبَاعِهِ ، فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=153وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ [ الْأَنْعَامِ : 153 ] .
nindex.php?page=treesubj&link=28328_28750وَقَالَ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=108قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [ يُوسُفَ : 108 ]
فَوَحَّدَ لَفْظَ صِرَاطِهِ وَسَبِيلِهِ ، وَجَمَعَ السُّبُلَ الْمُخَالِفَةَ لَهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964599خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا ، [ ص: 800 ] وَقَالَ : هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ ، وَقَالَ : هَذِهِ سُبُلٌ ، عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ، ثُمَّ قَرَأَ : nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=153وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [ الْأَنْعَامِ : 153 ] .
وَمِنْ هَاهُنَا يُعْلَمُ أَنَّ اضْطِرَارَ الْعَبْدِ إِلَى سُؤَالِ هِدَايَةِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ فَوْقَ كُلِّ ضَرُورَةٍ ، وَلِهَذَا شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الصَّلَاةِ قِرَاءَةَ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ، إِمَّا فَرْضًا أَوِ إِيجَابًا ، عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ ، لِاحْتِيَاجِ الْعَبْدِ إِلَى هَذَا الدُّعَاءِ الْعَظِيمِ الْقَدْرِ ، الْمُشْتَمِلِ عَلَى أَشْرَفِ الْمَطَالِبِ وَأَجَلِّهَا . فَقَدْ أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنْ نَقُولَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ [ الْفَاتِحَةِ : 6 - 7 ] . وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
الْيَهُودُ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ ، وَالنَّصَارَى ضَالُّونَ .
وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964600لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ : الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ؟ قَالَ : فَمَنْ ؟ ! .
[ ص: 801 ] قَالَ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ : مَنِ انْحَرَفَ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَفِيهِ شَبَهٌ مِنَ
الْيَهُودِ ، وَمَنِ انْحَرَفَ مِنَ الْعُبَّادِ فَفِيهِ شَبَهٌ مِنَ
النَّصَارَى . فَلِهَذَا تَجِدُ أَكْثَرَ الْمُنْحَرِفِينَ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ ، مِنَ
الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ - فِيهِ شَبَهٌ مِنَ
الْيَهُودِ ، حَتَّى أَنَّ عُلَمَاءَ
الْيَهُودِ يَقْرَءُونَ كُتُبَ شُيُوخِ
الْمُعْتَزِلَةِ ، وَيَسْتَحْسِنُونَ طَرِيقَتَهُمْ ، وَكَذَا شُيُوخُ
الْمُعْتَزِلَةِ يَمِيلُونَ إِلَى
الْيَهُودِ وَيُرَجِّحُونَهُمْ عَلَى
النَّصَارَى . وَأَكْثَرُ الْمُنْحَرِفِينَ مِنَ الْعُبَّادِ ، مِنَ الْمُتَصَوِّفَةِ وَنَحْوِهِمْ - فِيهِمْ شَبَهٌ مِنَ
النَّصَارَى ، وَلِهَذَا يَمِيلُونَ إِلَى نَوْعٍ مِنَ الرَّهْبَانِيَّةِ وَالْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَشُيُوخُ هَؤُلَاءِ يَذُمُّونَ الْكَلَامَ وَأَهْلَهُ ، وَشُيُوخُ أُولَئِكَ يَعِيبُونَ طَرِيقَةَ هَؤُلَاءِ وَيُصَنِّفُونَ فِي ذَمِّ السَّمَاعِ وَالْوَجْدِ وَكَثِيرٍ مِنَ الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ الَّتِي أَحْدَثَهَا هَؤُلَاءِ .