49 - وعن قال: دخلت على ابن أبي مليكة أنا ابن عباس وعبد الله بن فيروز مولى عثمان، فقال له عبد الله: أبا العباس ( تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) أي يوم هذا؟ فقال يا من أنت؟ فانتسب له فلما عرفه قال: مرحبا بك، ( ابن عباس: يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة ) أي يوم هذا؟ قال: أنا سألتك يا ابن العباس لتخبرني؟ قال: أيام سماها الله، عز وجل، هو أعلم بها كيف تكون، أكره أن أقول في كتاب الله، عز وجل، بما لا أعلم.
والذي فسره بعض المفسرين مما توقف فإنه لم يذكر مراد الله فيها بل قال: يظهر لي فيها كذا، ويسنح كذا والله هو العالم بالتأويل.. ابن عباس
فإن قيل: فقد قال: ( تبيانا لكل شيء ) قيل كما قال: ( تدمر كل شيء ) ولم تدمر السماوات والأرض، وقال: ( وأوتيت من كل شيء ) ولم تؤت مثل فرج الرجل ولحيته.
[ ص: 69 ] فإن قيل: إذا لم يدخل الراسخون مع الله في العلم لم يكن لهم فضل على من لم يرسخ في العلم، لأن كل المسلمين يقولون آمنا به، قيل: وقد قال تعالى: ( فضل الراسخين على غيرهم أنهم يعرفون الأحكام المحكمات ما لا يعرفه غيرهم، وقد قيل: إن فضيلتهم تحصل بإيمانهم بالغيب على من لم يؤمن به، بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله ) وهذا يدل على أن هناك من لم يؤمن به فكانت فضيلتهم بالإيمان به.
فإن قيل: فنسلم لكم أن في القرآن ما لا يعلم تأويله غير الله، لكن فائدته التلاوة التي هي طاعة وهي مندوب إليها يثاب على فعلها، فأما الأخبار فمتى لم يعرف معناها بلغة العرب عريت عن فائدة، لأنها لا تفيد عملا ولا تثبت علما ولا ثواب في فعلها، قيل: لا تعرى عن فائدة لما بينا فيما قبل وهو اختبار العباد ليؤمن به المؤمن فيسعد، ويكفر به الكافر فيشقى، لأن سبيل المؤمن أن يصدق بما جاء به الرسول.