357 - وذكر الحميدي في مسنده بإسناده ، عن كعب أنه قال : قال وج مقدس ، منه عرج الرب إلى السماء يوم قضى خلق الأرض الحميدي : موضع بالطائف يقال له : وج .
اعلم أنه غير ممتنع على أصولنا حمل هذا الخبر على ظاهره ، وأن ذلك معنى يتعلق بالذات دون الفعل ، لأنا حملنا الخبر على ظاهره في قوله : " ينزل الله إلى سماء الدنيا " [ ص: 380 ] وقوله : " يضع قدمه في النار " وقوله : " يتجلى لهم في رمال الكافور " وقوله تعالى : ( وجاء ربك ) وقوله : ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام ) كذلك ها هنا ، إذ لسنا نحمل الوطئة على مماسته جارحة لبعض الأجسام ، بل نطلق هذه الصفة كما أطلقنا استواءه على العرش لا على وجه المماسة والانتقال من حال إلى حال ، وكما أطلقنا قوله تعالى : ( خلقت بيدي ) لا على وجه المماسة ، كذلك ها هنا .
فإن قيل : معنى ذلك يرجع إلى الفعل ، وهو أن آخر ما أوقع الله سبحانه بالمشركين من الشدة بوج وهو اسم موضع بالطائف ، لأنه كان آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحنين أدنى الطائف ، وهذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم : " " فتتابع القحط عليهم سبع سنين حتى أكلوا القد والعظام ، والعرب تقول في كلامها : اشتدت وطأة السلطان على رعيته ، وليس يريدون بذلك وطء القدم ، كذلك ها هنا [ ص: 381 ] . اللهم اشدد وطأتك على مضر ، وابعث عليهم سنين كسني يوسف
قيل : هذا غلط ، لأنه لم يكن ذلك آخر ما أوقع الله بالمشركين ، لأن الفتوح حصلت بعد النبي صلى الله عليه وسلم والنكاية في المشركين ظاهر على يدي خليفة بعد خليفة ، ثم النكاية في الفرس والروم ، وغير ذلك من أهل الكفر .
وجواب آخر : وهو أن في الخبر ما يسقط هذا ، وهو قوله : آخر وطأة " وذلك لا يستعمل في الشدة ، وإنما يستعمل في الشدة ما كان بالهمزة والألف ، نحو قوله : " اشدد وطأتك على مضر " فإن هناك قرينة دلت على أن المراد به العذاب ، وهو أنه دعا على الكفار ، ولأنه ذكر الوطأة هناك بالهمزة والألف .