[فصل ]
فإن قال قائل: قد مدحت السنة، وذممت البدعة، فما السنة، وما البدعة، فإنا نرى أن كل مبتدع في زعمنا يزعم أنه من أهل السنة، فالجواب أن لأنهم على تلك الطريق التي لم يحدث فيها حادث، وإنما وقعت الحوادث والبدع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه. السنة في اللغة الطريق، ولا ريب في أن أهل النقل والأثر المتبعين آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآثار أصحابه هم أهل السنة،
[ ص: 18 ] فإن ابتدع شيء لا يخالف الشريعة، ولا يوجب التعاطي عليها، فقد كان جمهور السلف يكرهونه، وكانوا ينفرون من كل مبتدع وإن كان جائزا، حفظا للأصل، وهو الاتباع، وقد قال والبدعة: عبارة عن فعل لم يكن فابتدع، والأغلب في المبتدعات أنها تصادم الشريعة بالمخالفة، وتوجب التعاطي عليها بزيادة، أو نقصان، ، زيد بن ثابت ، لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما حين قالا له اجمع القرآن: كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وأخبرنا محمد بن علي بن أبي عمر ، قال: أخبرنا ، نا علي بن الحسين ابن شاذان ، نا أبو سهل ، نا أحمد البرني ، ثنا ، ثنا أبو حذيفة سفيان ، عن ، عن ابن عجلان عبد الله بن أبي سلمة ، أن سمع رجلا يقول: لبيك ذا المعارج، فقال: ما كنا نقول هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخبرنا سعد بن مالك محمد بن أبي القاسم بإسناد يرفعه إلى أبي البحتري قال: أخبر رجل أن قوما يجلسون في المسجد بعد المغرب فيهم رجل يقول: كبروا الله كذا وكذا، وسبحوا الله كذا وكذا، واحمدوا الله كذا وكذا، قال عبد الله: فإذا رأيتهم فعلوا ذلك فأتني فأخبرني بمجلسهم، فأتاهم فجلس، فلما سمع ما يقولون قام فأتى عبد الله بن مسعود ، فجاء وكان رجلا حديدا، فقال: أنا ابن مسعود والله الذي لا إله غيره لقد جئتم ببدعة ظلما، ولقد فضلتم أصحاب عبد الله بن مسعود محمد صلى الله عليه وسلم علما، فقال عمرو بن عتبة: أستغفر الله، فقال: عليكم بالطريق فالزموه، ولئن أخذتم يمينا وشمالا لتضلن ضلالا بعيدا. أنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر ، عن أبي محمد الجوهري ، عن أبي عمر بن أبي حياة ، ثنا أحمد بن معروف ، ثنا ، ثنا الحسين بن فهم ، ثنا محمد بن سعد ، ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: كنا عند ابن عوف ، فجاء رجل، فقال: يا إبراهيم النخعي أبا عمران ادع الله أن يشفيني، فرأيت أنه كرهه كراهية شديدة حتى عرفنا كراهية ذلك في وجهه. وذكر إبراهيم السنة، فرغب فيها، وذكر ما أحدثه الناس فكرهه، وقال فيه: أخبرنا المحمدان ابن ناصر ، وابن عبد الباقي ، نا أحمد ، نا ، سمعت أبو نعيم يقول: سمعت محمد بن إبراهيم محمد بن ريان يقول: سمعت - وجاءه أصحاب الحديث فسألوه عن الخطرات والوساوس - فقال: أنا لا أتكلم في شيء من هذا، فإن هذا محدث، سلوني عن شيء في الصلاة، أو الحديث. ورأى ذا النون علي خفا أحمر، فقال: انزع هذا يا بني فإنه شهرة، ما لبسه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما لبس أسودين ساذجين. ذو النون
[ ص: 19 ]