باب ذكر هبة المريض.
8862 - حدثنا يحيى بن محمد ، قال: حدثنا ، قال: حدثنا أبو الربيع الزهراني حماد، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب ، عن ، عمران بن حصين أن رجلا أعتق ستة أعبد له عند موته، لم يكن له مال غيرهم، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له قولا شديدا، ثم دعا بهم، فجزأهم، فأقرع بينهم، فأعتق اثنين وأرق أربعة. [ ص: 81 ]
قال : فإذا أبو بكر فللموهوب له ثلث العبد، ولورثة الواهب ثلثا العبد، فإن كانت المسألة بحالها وعوض الموهوب له الواهب عوضا من [هبته] فللموهوب له من العبد ثلثه في قول وهب الرجل وهو مريض لرجل عبدا لا مال له غيره، وقبل ذلك الموهوب له، وقبضه، ثم مات الواهب من مرضه، ، وثلثاه لورثة الواهب. أبي ثور
قال: وذلك أنه حيث وهب له لم يكن له أن يخرج من ماله في هبة ولا وصية وهو مريض إلا الثلث، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد عذله على ذلك، وقال فيه القول الشديد حتى هم أن لا يصلي عليه.
فدل على أنه ممنوع من ماله في مرضه إلا في ثلثه، وإن كل ما أحدث في ذلك من حدث فهو مردود إلى الثلث، برئ من مرضه أو مات.
وقال أصحاب الرأي: إذا كان في العوض مثل ثلثي قيمة الهبة أو أكثر فالهبة جائزة، والعوض جائز، وإن كان بقدر نصف القيمة رجع الورثة في سدس العبد، وإن كره الموهوب له ذلك رجع في العوض، ورجع الورثة في العبد إذا كانت الهبة عن عوض، فإن لم تكن على عوض رجع في السدس.
وإذا وهب رجل لرجل دارا في مرضه، ولا مال له غيرها، فقبضها الموهوب له، ثم مات الواهب، كان للموهوب له ثلث الدار، وكان (ثلثاه) للورثة.
وهذا قول ، وأصحاب الرأي، وقد كان [ ص: 82 ] اللازم لأصحاب الرأي أن لا يجيزوا هدية الهبة على مذهبهم؛ لأنهم لا يجيزون هبة المشاع، وهذه هبة مشاع وقد أجازوها. أبي ثور
وكان يقول : وإذا أبو ثور فالثلث له والثلثان للمريض بحاله، فإن أعتق الموهوب له الجارية وكان موسرا ضمن ثلثي قيمتها للواهب، وإن كان معسرا كان الثلث من الجارية حر وثلثاها رقيق، فإن كاتبها كانت الكتابة جائزة في الثلث ويبطل الثلثان، وإن دبرها فكذلك، فإن مات عتق منها ثلثها وبقي ثلثاها، وإن وطئها وكان [ممن] لا يعذر بالجهالة حد ولم يلحق به الولد، كذلك تحد الجارية إن علمت أن هذا لا يحل، ولا مهر لها، وإن كان ممن يعذر بجهالة لزمه ثلثا الصداق، وكان الولد ولده، وكانت الجارية أم ولد له، وعليه ثلثا قيمة الجارية، وثلثا قيمة الولد إن كان موسرا، وإن كان معسرا كان ثلثا الأمة رقيقا للواهب وثلث للموهوب له، حكمها حكم [أم] الولد، لا تباع، وتستخدم، ولا (يطأ) ؛ لأنه لا يملك الرقبة كلها، وثلثا ولده رقيق وثلث حر، ويكون عليه من العقر ثلثاه، وثلث يسقط عنه لعلة ملكه، واحتج في ذلك بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : وهب رجل لرجل وهو مريض جارية، وقبضها، ولا مال له غيرها، "من أعتق شركا له في عبد فكان موسرا ضمن ما بقي، وإن كان معسرا عتق منه ما عتق".
وقال أصحاب الرأي: إذا باعها، أو دبرها، أو كاتبها، أو وهبها، [ ص: 83 ] أو وطئها فجاءت بولد، ثم مات الواهب، كان عليه للورثة ثلثا قيمتها، وقالوا: إذا أعتقها وهو معسر فلا سبيل لهم على الجارية، وعلى الموهوب له ثلثا قيمتها دينا عليه، ثم قالوا: إذا كان الموهوب له مريضا فأعتقها في مرضه، ومات من ذلك المرض ولا مال له غيرها فإن الجارية تسعى في ثمانية أتساع قيمتها، ويبقى التسع، فيؤدون من سعايتها ستة أتساع قيمتها إلى ورثة الواهب، ويكون تسعا القيمة لورثة الموهوب له.
وقالوا في المكاتبة إذا قضى القاضي بثلثي القيمة على المولى، ثم إن المكاتبة عجزت بعد ذلك فلا سبيل للورثة على المكاتبة، وإن لم يخاصم الورثة الموهوب له في المكاتبة حتى عجزت وردت في الرق فثلثاها للورثة، وثلثها للموهوب له؛ لأن القاضي لم يقض على الموهوب له بالمال ولم يستهلك الموهوب المكاتبة، فثلثاها للورثة إذا اختصموا، وهي في يد الموهوب له.
وقال : إذا كان على المريض دين يحيط ثمن العبد فهبته باطلة، فإن كان الموهوب له باع أو أعتق أو دبر أو كاتب فذلك كله باطل، وذلك أن العبد على ملك الميت ولم يملك الموهوب له شيئا، وذلك أن من كان عليه دين وهو محجور عليه أن يتلف شيئا من ماله إلا أن يكون عليه من الدين أقل من ماله، فيكون له أن يعطي مما يملك إذا كان مريضا بقدر الثلث. أبو ثور
وقال أصحاب الرأي: جميع ما صنع الموهوب له جائز، ويضمن جميع قيمته للغرماء. [ ص: 84 ]
وقال : وإذا أبو ثور كان ثلثا العبد لورثة الواهب و (ثلث) لورثة الموهوب له، فإن كان الموهوب له أعتق العبد في مرضه ولا مال له غيره كان ثلثا الثلث لورثة الموهوب له، ويعتق منه ثلث الثلث، فإن كان على الموهوب له دين يحيط بماله في العبد كان عتقه باطلا، وكان ثلثه يباع في دينه، ويجوز عتقه، وعليه دين وهو محجور عليه بالدين الذي عليه. وقال وهب رجل لرجل عبدا وهو مريض، ولا مال له غيره، والموهوب له مريض، فمات الواهب، ثم مات الموهوب له، : وهذا قول أبو ثور قال: وأحسب أن أبا عبد الله كان يقول ذلك. مالك،
وقال أصحاب الرأي: إذا أعتقه الموهوب له في مرضه ولا مال له غيره فعتقه جائز، وثلثا القيمة دين عليه، ويسعى العبد بعد ذلك فيما بقي لورثة الموهوب له، فيكون العبد يسعى في ثمانية أتساع قيمته، وتكون وصيته تسع قيمته.
وقال : أبو ثور كانت الهبة جائزة، وكان لورثة الواهب أن يقتلوا الموهوب له، أو يأخذوا منه الدية. وإذا وهب رجل لرجل عبدا في مرضه وهو ثلث ماله، ثم عدا الموهوب له على الواهب فقتله،
وقال أصحاب الرأي: الهبة مردودة إلى ورثة الواهب؛ لأن الموهوب له قاتل، فلا يجوز له وصية وهو قاتل.
وقال : إنما قيل: لا وصية لوارث، ولا يرث قاتل، فأما [ ص: 85 ] الوصايا للقاتل فلا بأس بها، وكذلك الهبة والنحل والعطية، وجميع ما يشبه ذلك. والله أعلم. أبو ثور
وقال : وإذا وهب رجل لرجل عبدا وهو ثلث ماله، فعدا العبد على الواهب فقتله، فإن لورثة الواهب أن يقتلوه إن شاؤوا، وإن اختاروا الدية يقال للموهوب له: إما أن تسلمه، وإما أن تفديه، فإن سلمه فهو لهم، وإن فداه بالدية فهو ميراث بينهم، وهذا الباب كله على هذا المثال. والله أعلم. أبو ثور
وقال : وإذا وهب رجل لرجل عبدا في مرضه، ولا مال له غيره، فعدا العبد على الواهب فقتله، فإن لورثة الواهب أن يقتلوا العبد إن شاؤوا، وإن اختاروا الدية يقال لصاحب الثلث الموهوب له: إما أن يفديه، وإما أن يسلمه، فإن أسلمه فهو عبد الورثة، وإن فداه فداه بالدية كلها. أبو ثور
وقال أصحاب الرأي: يقال له: إما أن تسلمه وإما أن تفديه، فإن فداه بالدية كان العبد له؛ لأنه لا يخرج من الثلث، وإن دفعه فلا شيء له.
قال : وفيه قول ثالث، وهو أنهم إذا عفوا على مال أن يقال لرب العبد الموهوب له: إما أن تفديه بالدية، وإما أن يباع فيدفع ثمنه إلى ورثة المجني عليه، ولا شيء لهم غير ذلك. هذا قول أبو بكر . الشافعي
[آخر كتاب العمرى والرقبى] . [ ص: 86 ]