باب ذكر السكنى
اختلف أهل العلم في الرجل يسكن الرجل حياته.
فقالت طائفة: السكنى ترجع إلى أهلها.
كذلك قال ، الشعبي ، وروي ذلك عن وإبراهيم النخعي . عمر بن عبد العزيز
وقال : سفيان الثوري إن أسكنه سكنى يرجع فيها صاحبها إن شاء، فإن مات الذي جعلت له رجع إلى صاحبها الأول.
وقال أحمد وإسحاق : إذا قال: هي لك سكنى حياتك، يرجع في السكنى، ولا يرجع في العمرى والرقبى.
قال : ويشبه مذاهب أبو بكر أن السكنى عارية متى شاء صاحبها الذي أعار وأسكن رجع فيها، وإن مات المسكن قام ورثته مقامه، وإن مات [المسكن] رجع إلى صاحبها السكن. الشافعي
8861 - حدثنا ، عن إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر أيوب ، عن نافع: زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أسكنت مولاة لها بيتا ما عاشت، فماتت مولاتها، فقبضت حفصة بيتها. حفصة [ ص: 77 ] أن
وقال : سمعت ابن وهب مالكا يقول: العمرى والسكنى شيء واحد، إن أحب أن يعطي الذي أعمره أو أسكنه وترك له سكناه أو عمراه كان ذلك له.
وقال في مالك قال: لا يرجع في كراها ويكريها قليلا قليلا. الرجل يسكن الدار حياته فيريد أن يكريها بنقد أيكرى؟
وقال أشهب: سألت مالكا عن الرجل يسكن الرجل مسكنا حياته، فيموت المسكن، فيريد ورثته أن يشتروا من المسكن سكناه من ذلك السكن، أتراهم في ذلك بمنزلة المسكن نفسه؟ فقال: نعم، في رأيي يجوز لهم أن يشتروا ذلك منهم، وهم في رأيي بمنزلة المسكن نفسه.
وقالت طائفة: هي للمسكن ولورثته من بعده.
قال عطاء ، ، والحسن البصري : إذا قال: هذه الدار سكنى لك ما عشت فيها فهي له ولعقبه، وكان وقتادة يقول: إذا قال الرجل للرجل: داري هذه لك سكنى حتى تموت فإنها له حياته وموته، وإذا قال: داري هذه اسكنها حتى تموت، فإنها ترجع إلى صاحبها، وكان ابن شبرمة يقول: إذا قال: هي لك منيح ما عشت، أو: هي لك سكنى ما عشت، فهي ترجع عليه، وإذا قال: هي لك ما عشت ولم يقل: منيحا ولا سكنى، فهي جائزة له ولعقبه، وقال الثوري: إذا قال: هي لك سكنى رجعت، وإذا قال: هي لك اسكنها فهي جائزة له أبدا، إنما هو [كالتعليم] منه. الشعبي
[ ص: 78 ] وقال ( النعمان ) : في الرجل يقول للرجل: هذه لك هبة سكنى، ودفعها إليه، قال: هذه عارية، وإن قال: هي لك هبة تسكنها فهي هبة، وإذا قال: هي لك سكنى هبة، فهي سكنى.
وقال وأصحاب الرأي: إذا قال: قد جعلت لك هذه الدار فاقبضها، أو: هذا العبد فاقبضه، قال: هذه (وهبة) . أبو ثور
وقال أصحاب الرأي: إذا قال: جعلت داري هذه عمرى سكنى فقبضها، قالوا: هذه عارية ليست بهبة؛ لأنه سكنى.
وقال : إن كان له أجل فهو إلى أجله، وإن لم يكن له أجل فإن كانت عمرى فهي حياته، وإن كانت سكنى فهي له سكنى، فمتى شاء أخرجه. أبو ثور
وقال أصحاب الرأي: إذا قال: هي لك عمرى فهي هبة، وقال : فهي له حياته، فإذا مات رجعت إليه، يعني إلى المعطي. أبو ثور
وقال ، وأصحاب الرأي: إذا قال: قد تصدقت بها حياتك عليك، فليس له أن يرجع فيها. أبو ثور
وقال : هذه بمنزلة الهبة، ولو قال: عبدي هذا هبة لك ولعقبك من بعدك فهي بمنزلة الهبة، في قول أبو ثور وأصحاب الرأي. أبي ثور
وقال وأصحاب الرأي: إذا قال لرجلين: قد وهبت عبدي هذا لكما، ثم قال: هو للباقي منكما بعد ذلك، فقبضاه على ذلك فهو لهما، وليس قوله للباقي شيئا. أبو ثور
وقال : إذا أبو ثور فهو كما قال، [ ص: 79 ] وهذه ترجع إذا انقضى ما قال، وقال أصحاب الرأي: هذه عارية، وله أن يرجع متى شاء فيأخذها. قال: داري لك سكنى ولعقبك من بعدك
وقال : وإذا وهب رجل لرجل عبدا على أن يعتقه فقبضه الموهوب له على ذلك، فالهبة جائزة، والشرط باطل، وكذلك قال أصحاب الرأي. أبو ثور
وقال ، وأصحاب الرأي: وإذا وهب رجل لرجل عبدا مريضا به جرح، فداواه الموهوب له [حتى برأ] جائزا أنه لا يرجع فيه، وكذلك إن كان أصم فسمع، أو أعمى فأبصر. أبو ثور
وقال : وإذا أبو ثور كان ثلثه حرا، وثلثاه رقيقا للورثة إذا مات الواهب إذا كان المعتق معسرا، وإن كان موسرا ضمن قيمة الباقي وهو الثلثان، وإن كان معسرا أو لم يمت كان ثلثه حرا وثلثاه للمريض، وليس له أن يحدث فيه شيئا، ولا يجوز له فيها وصية، وذلك أنه قد أخرج ثلثه، وله أن يبيعه بما يتغابن الناس بمثله وينفقه على نفسه. وهب رجل لرجل عبدا في مرضه لا مال له غيره، فقبضه الموهوب له، فأعتقه،
وقال أصحاب الرأي: إذا أعتقه أو باعه ضمن للورثة ثلثي قيمته، وبيعه وعتقه جائز، وإن كان على الميت دين يحيط (برقبة) العبد ولم يكن له مال غير العبد غرم الموهوب له قيمة العبد كلها، وإن كان الموهوب له معسرا وقد كان أعتق العبد فليس لغرماء الواهب على العبد شيء، إلا أن حقهم على الذي أعتقه، وإن كان الموهوب له أعتق العبد وهو مريض ثم مات ولا مال له غير العبد، وعليه دين سعى العبد في قيمته [ ص: 80 ] كلها، وتكون تلك القيمة بين غرماء الموهوب له، يضرب فيها غرماء الواهب بقيمة العبد؛ لأنها دين للميت الأول على هذا الميت الآخر، ويكون ما أصاب قيمة العبد بين غرماء الميت، يضربون في ذلك بالحصص جميعا.
وكان يقول: أبو ثور إذا كان الدين يحيط برقبه العبد، أو أكثر، وإن كان أقل من قيمته كان ثلث ما بقي بعد الدين جائزا هبته وعتقه، وإن لم يكن عليه دين فوهبه جاز ثلثه، وثلثاه رقيق، فإن أعتقه الموهوب له كان ثلثه حرا وثلثاه رقيقا، فإن كان موسرا ضمن قيمة الثلثين وعتق العبد، وإن كان معسرا كان الثلثان على الرق، وإن أعتق الموهوب له في مرضه هذا العبد ولا مال له غيره كان الثلث حرا، وذلك بينهم من تسعة أسهم، سهم حر، وسهمان لورثة المعتق الآخر، وستة أسهم لورثة الواهب الأول. إذا كان عليه دين فهبته وعتقه باطل