[ ص: 295 ] باب ذكر سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى بني مرة، وسرية غالب بن عبد الله الكلبي رضي الله عنهما
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله الأصبهاني، قال: حدثنا الحسن بن الجهم، قال: حدثنا الحسين بن الفرج، قال: حدثنا الواقدي، قال: حدثنا عبد الله بن الحارث بن الفضيل، عن أبيه، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشير بن سعد في ثلاثين رجلا إلى بني مرة بفدك، فخرج فلقي رعاء الشاء فاستاق الشاء والنعم منحدرا إلى المدينة، فأدركه الطلب عند الليل، فباتوا يرمونهم بالنبل، حتى فنيت نبل أصحاب بشير، فأصابوا أصحابه وولى منهم من ولى، وقاتل بشير قتالا شديدا حتى ضرب كعباه وقيل: قد مات، ورجعوا بنعمهم وشائهم وتحامل بشير حتى انتهى إلى فدك، فأقام عند يهودي حتى ارتفع من الجراح، ثم رجع إلى المدينة وذكر الحديث في بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم حتى أتاه عتبة بن ربيعة الخدري بالخبر.
[ ص: 296 ] قال الواقدي: فحدثني أفلح بن سعيد، عن بشير بن محمد بن عبد الله بن زيد الذي أري الأذان قال: كان مع غالب بن عبد الله بن عقبة بن عمرو أبو مسعود الأنصاري، وكعب بن عجرة، وعلبة بن زيد، فلما دنا غالب منهم بعث الطلائع ثم رجعوا فأخبروه فأقبل غالب يشير حتى إذا كان بمنظر العين منهم ليلا وقد احتلبوا وهدؤوا قام فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله وحده لا شريك له وأن تطيعوني ولا تعصوني، ولا تخالفوا لي أمرا، فإنه لا رأي لمن لا يطاع، ثم ألف بينهم، ثم قال: يا فلان، أنت وفلان، وقال: يا فلان، أنت وفلان، لا يفارق كل رجل منكم زميله، وإياكم أن يرفع إلي أحد منكم فأقول: أين صاحبك؟ فيقول: لا أدري، وإذا كبرت فكبروا، وجردوا السيوف فذكر الحديث في إحاطتهم بهم قال: ووضعنا السيوف حيث شئنا منهم، ونحن نصيح بشعارنا: أمت أمت، وخرج أسامة في أثر رجل منهم يقال له نهيك بن مرداس، فأبعد فقال له أميرنا: أين أسامة؟ فجاءنا بعد ساعة من الليل، فلامه أميرنا، فقال: إني خرجت في أثر رجل منهم، حتى إذا دنوت منه ولحمته السيف قال: لا إله إلا الله، فقال أميرنا: أغمدت سيفك؟ قال: لا والله ما فعلت حتى أوردته شعوب، قال: قلنا: بئس والله ما صنعت وما جئت به تقتل امرأ يقول لا إله إلا الله، فندم وسقط في يديه قال: فاستقنا الغنم والنساء والذرية، وكانت سهامهم عشرة أبعرة لكل رجل أو عدلها من الغنم.