الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فإذا دخلت الصلاة على أنها صلاة المغرب؛ فإن الصلاة لم تصح عشاءً، ولو كنت في أول وقتها تعلم أن هذا وقت العشاء؛ إذ العبرة بالنية التي دخلت بها في الصلاة، وأنت نويت المغرب ولم تنو العشاء. وقد قال عليه الصلاة والسلام: إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى .. متفق عليه، فتلزمك صلاة العشاء، وتكون إعادتك لصلاة المغرب نافلة.
قال ابن عابدين في حاشيته: إذَا ظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فَرْضًا فَشَرَعَ فِيهِ، فَتَذَكَّرَ أَنَّهُ قَدْ صَلَّاهُ، صَارَ مَا شَرَعَ فِيهِ نَفْلًا .. اهـ.
وإذا صارت نفلا، فإنه تصح صلاةُ من اقتدى بك فيها؛ لأن الراجح المفتى به عندنا صحة اقتداء المفترض بالمتنفل، وانظر الفتوى رقم: 111010.
والتردد في قطع الصلاة لا يبطلها أيضا في المفتى به عندنا.
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: وقال بعض أهل العلم: إنها لا تبطل بالتردُّد؛ وذلك لأن الأصل بقاء النيَّة، والتردُّد هذا لا يبطلها، وهذا القول هو الصَّحيح، فما دام أنه لم يعزم على القطع فهو باقٍ على نيَّته، ولا يمكن أن نقول: إن صلاتك بطلت للتردُّد في قطعها. اهـ.
بل لو بطلت صلاتُك بأن قطعت نية الصلاة مثلا، وخفي ذلك على المأمومين؛ فإن صلاتهم لا تبطل؛ لأن سبب بطلان صلاتك يخفى عليهم، ولا يمكنهم الاطلاع عليه.
وقد نص كثير من الفقهاء على أن كل مبطل لصلاة الإمام، إذا كان يخفى على المأموم, ولا يمكنه الاطلاع عليه, فإنه لا تبطل به صلاة المأموم.
قال ابن حجر الهيتمي الشافعي في الفتاوى الفقهية الكبرى: كُل مُبْطِلٍ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاع عَلَيْهِ إذَا طَرَأَ - كَنِيَّةِ الْقَطْعِ- لَا يُؤَثِّرُ فِي صَلَاةِ الْمَأْمُوم، بِخِلَافِ مَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاع عَلَيْهِ, وَلَوْ بِوَجْهٍ مَا. اهـ.
والله تعالى أعلم.